في ليلة حفها النور واحتواها البر الاحتفاء بالشعر الشعبي السعودي في عسير
كتب ـ د. الفاتح كامل
أقامت اللجنة الثقافية في محافظة محايل عسير بقيادة ربانها الماهر، الإعلامي الضليع عبد العلام الفلقي، ليلة شعرية جامعة أمها عدد غفير من الحضور غصت بهم جنبات حديقة مقهى هيفان، الشريك الأدبي، الوريفة.
قدم الأستاذ الفلقي لضيف تلك الليلة، الشاعر السعودي الكبير إبراهيم طالع الألمعي، بكلمات بليغة مؤثرة.
فالشاعر السعودي الكبير وضيف تلك الليلة الزاهرة هو الأستاذ إبراهيم طالع الألمعي، شاعر وكاتب سعودي ولد في محافظة رجال ألمع بالسعودية عام 1951م، صدر له العديد من المؤلفات والدواوين الشعرية من أبرزها ديوان “فاطمة”، وهو حائز على جائزة أبها عام 2016م.
حاصل على ليسانس في علوم اللغة العربية وآدابها من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1396 هـ .
من إصدارات شاعر جنوب المملكة العربية السعودية القيمة التي نشرت في أوقات مختلفة،
ديوان (هجير) صدر عن دار البلاد في جدة عام 1416هـ،ديوان (سهيل اميماني)،ديوان (نِحلةُ سُهيل)،ديوان (وا فاطمة)،ديوان (أغاريد التهامي) صدر عن نادي الباحة الأدبي عام 2017م،كتاب (الموتُ إلى الداخل)،كتاب (الشعر الشعبي نبض حياة)،
كتاب ( من قيم الشعر الشعبي في عسير)،(توبة سلفي) صدر عن دار طوى للنشر عام 2011م.
وقد كرم شاعرنا الكبير الألمعي بعدة جوائز، حيث
حاز على جائزة أبها عن ديوانه (نِحلةُ سُهيل) 2001،
كرمه نادي أبها الأدبي عام 2005م، حائز على جائزة أبها عن كتاب مخطوط 1428هـ، كما فاز بجائزة أبها (1436-1437هـ) عام 2016م عن ديوانه (وا فاطمة).
وعودة لتلك الليلة الزاهية البهية، طوف بنا الشاعر الكبير الألمعي بغوص العارفين في فضاءات اللغة العربية وبديع كلامها وحسن بيانها، والألمعي خبير باللغة العربية، وكيف لا وهو ابن السعودية أصل اللغة العربية، ومهبط وحيها بلسان عربي مبين، ذكرتني تلك الليلة، بما كان يدور بليالي القاهرة الثقافية المضمخة بوجود الدكتور طه حسين والشاعر السوداني الكبير البروفسور عبد الله الطيب والكاتب المصري العبقري عباس محمود العقاد والشعراء الكبار أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ودكتور إبراهيم ناجي والشاعر السوري الكبير نزار قباني والشاعر العراقي الكبير الجواهري وشاعر السعودية الكبير الدكتور غازي القصيبي وغيرهم من أساطين اللغة العربية في دهورها الزاهرة الساطعة.
والمتابع لمسيرة الشاعر السعودي الكبير إبراهيم طالع الألمعي، يفتن حقيقة بما كتبه في حب وعشق المملكة العربية السعودية على وجه العموم ، ومنطقته أبها ومدن الجنوب على وجه الخصوص ، وحق له.
من أجواء قصيدة كتبها في حب أبها وعبرها لسائر مملكته الحبيبة
عليـلك ما ســلا يومـا .. ولــو أزرى به الزمـن
أحبك فتنـتي حــتى .. يــذوب بعيــنك الشجن
أعتق فيك أيــاما.. بهـا غصــن الهــوى لــدن
أريحينا بذاكــرة .. فــقـد أودى بنــا الوهــن
وهاتي من سنى حبي .. مرابــعـه ومـن سكنـوا
ألوذ بعطرك الزاكي .. لينـشــد عرفــه الفنــن
ونسمع من بقايا عهـ .. ـدنا ما تشــتهـي المأذن
فما كل النسا يشبهـ.. ـــن (أبها) حـين تفتـتـن
نعم، في العين بعض قذى .. كـأن الـدهر يمتحـن
ففينا مدمنــو جهـل .. هدايـاهــم لنـا الكفـن
خفافيش ظلاميــــون، لكـن: كلـكم وطـن
وأهـلي ســادة في الحب لا هـــم ولا حـزن
سأرسو في عيون القـوم حـتى تبحـر السفـن
فهم في العز بارقــــة .. تـذوب لبرقـها المحــن
لنا عزم ، لنا حــزم .. و(سلمـان) الحجـى يـزن
سلوا (أبها) وفيصــلها .. ستنبيكــم بنـا المـزن
بأن العشــق في ما بيــننا عقد هـو: الوطــن
وأن جـبــال أزد اللـه لا تخــشى ولا تهــن
لنا مجد العلا نجــد .. وفي (هجر) لنا الحُصــن
وفي أقصى شمال القلــــب .. كل الحب مرتهـــن
في ذات الاتجاه تداخل في تلك الليلة البهية الشاعر السعودي الكبير أحمد عسيري، وعسيري باحث و قاص، وأحد أبرز أدباء المملكة العربية السعودية المعاصرين.
من أشهر مؤلفاته، اتجاهات الموظفين نحو الرقابة الخارجية، الاتجاهات المجتمعية نحو السجناء المفرج عنهم، النوارس (قصص قصيرة)، دراسة الإدارة بالأهداف، دراسة القصة القصيرة، صانع القرار بين الإدارة العامة وإدارة الأعمال، دراسة القصة القصيرة جدًا، الثقافة المجتمعية والتبعية الفكرية، البدايات لفن القصة القصيرة جدًا في المملكة، الجريمة في الأدب السردي.
يتوزع شعر أحمد عسيري بين ثلاثة اتجاهات رئيسة هي: الوطني والاجتماعي والذاتي، وهو في وطنياته يمزج بين الأحداث وحب الوطن، ويستلهم الكثير من الرموز التاريخية، كما أن قصائده – في جملتها – تتوزع بين الشعر العمودي، وشعر التفعيلة.
والمتابع لمسيرة الشاعر السعودي الكبير أحمد عسيري، يجد متعة كبيرة في جملة ما قدمه من برامج إذاعة وتلفزيونية وصحافية عديدة من أشهرها عموده المقروء بصحيفة الوطن السعودية.
من بعض ما كتبه الشاعر السعودي الكبير أحمد عسيري، “أرحلتَ حقا يا صديقي”
فبعد وفاة الشاعر علي آل عمر عسيري، رثاه صديقه الشاعر أحمد عسيري بقصيدة تتكون من ثمانية مقاطع، وهي تحوي من المعاني ما كان بين الشاعر والمرثي من أسباب المودة والصداقة، برغم ما عرف عنهما من علامات تنافس الأقران، وأنه كانت تدور بينهما حوارات وخلافات يتوهمها البعض متنافية مع المودة، بينما هي نوع من تحقق الاختلاف البدهي في الآراء والتوجهات، وهو ما عبر عنه أحمد عسيري نفسه، في مقال كتبه بعد خمس سنوات من رحيل آل عمر، حيث يقول: “كان يؤنسني بخصامه وعراكه الباسق، حتى حدود القطيعة والجفاء، ولكنه يملك الفائض من القدرة على ردم الفجوات”.
من أجواء تلك القصيدة الموغلة في حزنها الصادق
أسْنَدْتُ ظَهريَ للجِدارْ
وانهلَّ ماءُ الحُزنِ
واشتعلَ الحنينُ
وشهْقةُ الطِّينِ المُضَرَّجِ بالبكاءْ
هذا المَساءْ
والذّاهِلُون على كَثيبِ الرَّمْلِ
والجَسد المُمَدَّدِ في العَراءْ
واللِّحْية البَيْضَاءِ تَقْطرُ
بِالطَّهارَةِ والنَّقاءْ
وأختم بالقول، شكرا لكل من يهبنا هذا البهاء .. هذا الصفاء، في محايل عسير النقية .. الندية.
رئيس تحرير مجلة “النخبة الرائدة”
د الفاتح كامل