أمير أبورفاعي.. جنوب أفريقيا تمنح بن زايد تأشيرة ذهبية
أمير أبورفاعي يكتب ..جنوب أفريقيا تمنح بن زايد تأشيرة ذهبية
“إن بعض القوانين ضلال.. وبعض المخالفات حلال.. والواقع لابد منه.. لا رائحة للخيال..” مر مائة يوم على أحداث جسام عصفت بالمنطقة العربية الواقعة في منتصف خريطة العالم، تابعتها لحظة بلحظة عدسات الدول ونشرات أخبارها منذ السابع من أكتوبر سنة 2023، أخبار وتحليلات شارك بها من كل حدب وصوب طالت المؤسسات والمنظمات الدولية لتثبت مجريات الأحداث أنها غير مكتملة النضج الكافي لوقف آلة الحرب، فأعداد من تراق دمائهم لا تتوقف عن الصعود أمام مرأى ومسمع الكافة على مدار مائة إلى أن إتخذت دولة جنوب أفريقيا قرارها بإتهام إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بإرتكاب جريمة إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل سواء في قطاع غزة – يوجه سكان القطاع بإتجاه الإجبار على التهجير من أراضيهم- أو في الضفة الغربية، إبادة جماعية مدعمة بالوثائق والمستندات والشهود، حملة تهجير قسري على خلفية هجوم وحشي لاإنساني أعادت بدعواها دولة جنوب أفريقيا للأذهان ما وقع في أراضي الإمارات المحتلة من قبل القوات الإيرانية في سبتمبر 1992، بعد 21 سنة من إحتلال الأراضي الإماراتية في 30 نوفمبر 1971، قبيل إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بثلاثة أيام فقط التي أعلن استقلالها في 2 ديسمبر 1971، استقلال عن القوى البريطانية الإستعمارية الدافعة بوثائق وخرائط تثبت مليكة الإمارات لجزرها ( طنب الكبرى-طنب الصغرى- أبوموسى ) ذات الموقع الجغرافي المتميز والثروات النفطية المحفذة على الطمع بالسيطرة عليها، وقد كان من قوات شاه إيران حينها التي أذهقت الأرواح وقتلت الأبرياء من سكان الأرض الأصليين، ولعل إسم الشهيد سالم سهيل خميس – أول شهيد إماراتي مدافعاً عن أرضه – خلف بطولة في ذاكرة الإماراتيين والعرب لما قدمه من بسالة في الدفاع والذود عن الأرض والعرض مع رفاقه من رجال شرطة إمارة رأس الخيمة المكلفين وقتها بحماية جزيرة طنب الكبرى، وأظهر بسالة في التصدي للهجوم الإيراني مع فجر يوم 30 نوفمبر وهو ما يفسر السبب وراء إحتفاء الإمارات بيوم الشهيد في هذا اليوم من كل عام وفق أمر صدر عن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، إحتلال لم يرحل على الرغم من رحيل نظام حكم الشاه في إيران التي وثب على سدة حكمها نظام الخمئني بعد أن حطت طائرته مطار طهران قادمة من باريس عاصمة النور، إستبدال لنظام الحكم لم يغير من واقع إحتلال الأراضي الإماراتية شيئاً بل على العكس فقد أقدم الإمام الإيراني على أبشع مما كان عليه الشاه المطاح بحكمه، ما أن توقفت الحرب الإيرانية العراقية مع أواخر الثمانينات التي استغلها نظام إيران الجديد في شنق معارضيه – ممن كانوا رفقاء النضال بالأمس ضد شاه إيران – دخلت القوات الإيرانية الأراضي الإماراتية مدججة بالسلاح ذات خبرة من حربها مع العراق – انتهت هذه الحرب 1989 – لتجبر سكان الأراضي وأهلها على ترك أراضيهم ومنازلهم وجذورهم تحت وطأة الرصاص المصبوب فوق رؤوس الأشهاد في سبتمبر 1992، ورغم كل الإدانات الدولية والإقليمية لهذا النهج المتشح بعباءة سوداء وعمامة أكثر سواداً إلا أن هذا لم يغير من الأمر شيئاً خاصة وأن تعاقب الأحداث واقدام العراق على وضع المنطقة كلها تحت وطأة القصف والتدخل الأجنبي المسلح جعل التحركات الإيرانية السريعة فرصة لبسط النفوذ على أراضي الإمارات المحتلة التي لم تتوقف عن المطالبة بحقوقها على مدار السنين حتى ومؤسسها يخطط لبناء الدولة، وبعد رحيل الشيخ زايد المؤسس ومن خلفه ابنه خليفة ظل التمسك بالنهج السلمي في إزاحة الاستعمار الإيراني هو طريقة وأسلوب ونهج دولة الإمارات العربية وسط تأييد لموقفها سواء على المستوى العربي أو دول مجلس التعاون الخليجي أو المستوى الدولي، وهو ذات نهج الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة الإماراتية الآن الذي يسعى لزيادة قوة دولته الاقتصادية وبناء مدنها على طراز يخاطب المستقبل، حتى جاءت دولة جنوب أفريقيا وتقديمها دعوى أمام محكمة العدل الدولية، تتهم فيها إسرائيل فيها بالابادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين على خلفية الأحداث والقصف والسعي لتهجير أهل الأرض الفلسطينية قصرياً، دعوى وضعت الشيخ محمد بن زايد أمام تأشيرة ذهبية على غرار الإقامة الذهبية التي تمنحها الإمارات لشخصيات هامة ومؤثرة ممن يقصدونها عبر مطاراتها وموانئها، تأشيرة ذهبية إن أحسن بن زايد إستغلالها سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه إذا ما أقدم على نفس نهج جنوب أفريقيا وأقام دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد إيران مستعيناً بكل الوثائق التاريخية التي تثبت أحقية الإمارات بأراضيها وجرائم إيران ضد أهل الأرض الإماراتية وتهجيرهم قسرياً عنها، تأشيرة ذهبية بنهج سلمي يمكن أن تجعل من محمد بن زايد الرجل المحرر للأرض ويعيد السيادة الإماراتية على كافة أراضيها.