«أبوتليح» يرد على من ينكرون الإسراء والمعراج
أمير أبورفاعي
رداً على من ينكرون الإسراء والمعراج، أكد فضيلة الشيخ محمد رجب أبوتليح، من علماء وزراة الأوقاف، أنه في كل شهر رجب من كل عام حين تتجدد ذكرى الإسراء والمعراج في حياة الأمة ؛ نجد أصواتا تتعالى وسطورا تكتب؛ متسابقين إلى إنكار معجزتي الإسراء والمعراج عامة والمعراج خاصة؛ يريدون إثبات حيز لهم في مرآة الحياة ليقولوا: نحن هنا .
ومع كل الردود السابقة سلفا وخلفا من العلماء؛ إلا أن هذه المطاعن تتكرر مع مرور الزمان، ولم تقنعهم كل تلك الردود والأجوبة ولم تشف غليل قلوبهم، ولكن لا عجب فهي النفس البشرية المنازعة المكابرة نعوذ بالله منها .
ومن أعجب العجب أنك تجد من يعلو صوته ليلفت النظر إلى نفسه وكلماته يرفع شعار تحكيم العقل، وفي الواقع هم أول من يجنب العقل ويعزله عن قبول الحق .
فلذا نقول لهم : هلم بنا إلى ذلك؛ لكن كلامنا بداية مع من يعترف بالله ربا سبحانه وبوجوده؛ لكن من أنكر ذلك لا كلام لنا معه ! .
رحلة المعراج أثبتها الله لنبي أرسله وكرمه؛ وهو حبيبه محمد ﷺ وآله ؛ جعل فيها دليلا على وجوده وقدرته؛ ولا يختلف عاقلان في هذا، وبعض العقول قديما أنكرت هذا لعدم وجود دليل محسوس – في وجهة نظرهم- يؤكد لهم هذا؛ مع أن الله عز وجل أقام في الكون آيات شاهدات ودلائل واضحات على كمال قدرته ودعانا إلى التفكر والتعقل في كثير من آيات ختمها بقوله : ( لقوم يعقلون)؛ (لقوم يتفكرون)؛ (لقوم يعلمون)؛ أقلها الي يدرك بالبديهة. ألا وهو ذلك النظام الذي يراه جميع الخلق من خلق السموات والأرض والليل والنهار والشمس والقمر ومرور الزمان وتعاقب الحدثان .
ومن هذه الآيات التي لم يدركها الحس البشري في الزمان الفائت وكانت من الغيبيات وقد أدركناها حسا ونظرا وعلما وسماعا؛ ما أخبر به الله في كتابه من المستقبل ومن على سبيل الذكر لا الحصر: ذلك التحدي الذي أقامه منذ أنزل كتابه على قلب النبي ﷺ ؛ النبي الذي نقله إلينا وحيا عن ربه ؛ وهو ذاته الذي يطعن في معجزة الله فيه في المعراج؛ وهو قوله تعالى: ﴿ يا مَعشَرَ الجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ استَطَعتُم أَن تَنفُذوا مِن أَقطارِ السَّماواتِ وَالأَرضِ فَانفُذوا لا تَنفُذونَ إِلّا بِسُلطانٍ﴾ [الرحمن: ٣٣] فهو تحد منذ أكثر من ست وأربعين وأربعمائة وألف من السنين؛ يحمل في طياته شرح لعلوم وفزيائية الفضاء الذي أكدته علوم الفضاء الحديثة في عصر الحداثة ؛ أن للمركبات الفضائية مسافات محددة يكون الخطر في تجاوزها، وهو ما لم يقدم العلم الحديث تفسيرا له إلا بقولهم بوجود خلل فني أو غيره مما يقولون، حينما سمعنا بانفجار سفن فضائية أكثر من مرة منها ما لم يتجاوز حتى الغلاف الجوي للأرض ؛ أو تجاوزوه لمسافات قصيرة ؛ والله الذي أثبت المعراج لنبيه هو الذي فسر لنا هذا بقوله : ﴿يُرسَلُ عَلَيكُما شُواظٌ مِن نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنتَصِرانِ﴾ [الرحمن: ٣٥] أليس الذي أخبرنا بهذا قادر على تحقيق الإسراء والمعراج بحبسه محمد ﷺ ؟! بلى هو قادر .
وهو الله الذي أثبت لنا قبل ناسا وغيرها من بحوث الفضاء حقيقة انعدام الأوكسجين خارج الغلاف الجوي للأرض؛ والي هو السبب في التنفس والحياة للكائنات الحية . هو ذاته سبحانه الذي يثبت هذه الحقيقة قبل ظهورها علميا في عصرنا بقوله: ﴿ وَمَن يُرِد أَن يُضِلَّهُ يَجعَل صَدرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجعَلُ اللَّهُ الرِّجسَ عَلَى الَّذينَ لا يُؤمِنونَ﴾ [الأنعام: ١٢٥] وذلك ثابت في التشبيه الوارد في الآية : ﴿ كأنما يصعد في السماء﴾ ناهيك عن وجوه الإعجاز اللغوي في الٱية في قوله : ﴿يصعد﴾ بتشديد العين وما فيه من إشارة أنه لا صعود للإنسان بنفسه أو بقدرته إلا إذا صعدته قدرة أكبر من كل ما في الكون . ولو أن الأمرىبسيطا في المقدور لقال: ﴿يٕصْعَد﴾ بفتح العين وليس بتشديدها. أليس فيه إثبات لهذه الحقيقة قبل أن يثبتها العلم . وأن رائد الفضاء يلبس بدلة مخصوصة وغطاء رأس مشحون بالأوكسجين اللازم لاستمراره حيا .
ثانيا: أليس في وعد الله لرسوله ﷺ بقوله : ﴿سَنُريهِم آياتِنا فِي الآفاقِ وَفي أَنفُسِهِم حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ أَوَلَم يَكفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌ﴾ [فصلت: ٥٣] وعد قد تحقق في زماننا هذا، وقد أرانا من توفيقه للإنسان في صنعه للطائرات؛ حتى أصبح لدينا طائرات أسرع من الصوت!، ولدينا محاولات الصعود للفضاء الشاسع في كون الله عز وجل بالمركبات والسفن الفضائية، ومع ذلك التحدي قائم من الله عز وجل، والعجز قائم من البشر .
والله عز وجل حينما أخبرنا بتحقيق معجزتي الإسراء والمعراج قد كان إيذانا منه بظهور معطيات الحضارة الحديثة خاصة في مجال الطيران والفضاء، مصداقا لوعده لنبيه ﷺ أنه سيدلل لخلقه وعباده على صدقه في كل ما جاء به وإثبات كل معجزة حدثت له ومنها الإسراء والمعراج . وقد كان فجعل الله عز وجل الزمان والمكان في شرف تصديقه ﷺ بظهور الطائرات والمركبات الفضائية ليجعل العقل البشري ينحني ساجدا معترفا له بالقدرة وأنه الذي أخبرنا بذلك في حق نبيه ﷺ سابقا هو الذي أظهر لنا ذلك بقدرته حتى جعل عامة خلقه اليوم ينتقلون في دقائق من بلد لأخر بل من بلد فيها النهار إلى آخر فيها الليل حتى لا يجد العقل البشري ملجأ إلا أن يقول: صدقنا وآمنا أنك على كل شيء قدير .
وحينما نربط كل هذا بما أخبر الله به في القرآن الكريم منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام وتم ظهور في عصرنا الحديث نتأكد بأن العقل يسجد تعظيما لله عز وجل الذي أخبر بكل ذلك وأخبر أنه عرج لنبيه إلى مكان تنقطع عنه همم البشر جميعا علما وإدراكا فضلا عن الوصول إليه بعاومهم وقدراتهم وذواتهم . ليوقن أن الله على كل شيء قدير وأنه هو الذي أكرم حبيبه بهذا الفضل العظيم، أليس هذا مما يصدقه العقل ؟!.