فتنة ديليسبس.. من يعيد إشعالها!
الكاتبه الصحفية الكبيرة
سكينة فؤاد
حمدا لله على تماسك الشعب المصرى وصلابته رغم ما لا يتوقف من استهدافات شيطانية من الخارج وآلام ومعاناة بالداخل تفرض استدعاء كل ما يدعم تماسكه واستقراره ويفرض إدانة محاولات أثارة فتنة تمزق وحدة صف المصريين وتُدخلهم فى مواجهات مع بعضهم ..ما بال إذا كانت الفتنة تثار بسبب محاولة جديدة لإعادة تمثال الأفاك ديليسبس إلى مدخل قناة السويس ببورسعيد.
◙ بداية آسف لمن لا يعرفون تاريخ بلدهم وما فعله الاحتلال الانجليزى بهم والاحتلال والاستغلال الفرنسى لقناتهم والذى كان عدوانهم الثلاثى 1956 وبمشاركة الكيان الصهيونى محاولة لإعادة احتلال الانجليز لمصر واسترجاع الفرنسيين للسيطرة على قناة السويس وإعادة نهب دخلها وفرض سيطرة أبدية عليها.
◙ هل يعرف الذين يريدون إعادة تمثال الأفاك ديليسبس الذى أسقطه أبطال المقاومة الشعبية من أبناء بورسعيد والفدائيون أن إسقاطه كان رمزا من أهم رموز انتصارهم وإفشال مخططات الغزاة الذين هاجموا بورسعيد وبورفؤاد بقواتهم البرية والبحرية والجوية.. هل يعرف من يجهلون التاريخ ولا أريد أن أقول من وعدوا بمكاسب إذا أعيد تمثال الأفاك ديليسبس ماذا كان يمكن أن يحدث، لا قدر الله، ولا كان ولا سيكون بإذن الله أبدا إعادة احتلال الانجليز لمصر واستيلاء الفرنسيين على قناة السويس وتحقيق أطماع الكيان الإرهابى الصهيونى التى لم تنته ولن تنتهى فى أرض سيناء المقدسة! ومن يريد أن يستزيد عن تفاصيل جرائم جيوش الغزو الثلاثى فأرجو منه العودة إلى الأطلس التاريخى لبطولات شعب بورسعيد 1956 وموسوعة تاريخ بورفؤاد للمؤرخ البورسعيدى الكبير ضياء القاضى وليعرفوا كيف استشهد من أبطال المقاومة ومن هدمت بيوتهم عليهم ومن هدمت أحياؤهم السكنية بالكامل هل يعرف الذين يريدون إعادة تمثال الأفاك أنه مات فى بلاده محكوما عليه فى قضية فساد فى قناة بنما وأن مؤرخين كبارا عربا وأجانب وصفوه بأنه أدار عملية من أكبر عمليات السخرة فى التاريخ فى أثناء حفر قناة السويس وأنه تحت جلد الضرب بالسياط وبالجوع والعطش استشهد آلاف العمال والفلاحين الذين كانوا يجلبون عنوة من قراهم مكبلين بالسلاسل حيث يفقد ذووهم كل أثر لهم بعد ذلك.
◙ هل يعرف من يريدون إعادة التمثال المهين إلى مدخل قناتنا أن هذا الأفاك لم يكن صاحب فكرة حفر القناة التى تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط وأنها تعود إلى أجدادنا المصريين القدماء والى كل من جاء مصر من الغزاة والطامعين فى وافر خيراتها وكل من يريد أن يعرف الدراما التاريخية لسيطرة قوى الاحتلال واستغلال كنوزها الطبيعية وموقعها الوسطى الفريد فى قلب العالم أعيده إلى ما كتبه الدكتور مصطفى الحفناوى فى مذكراته التى كانت من أهم الوثائق التى استند إليها الرئيس جمال عبدالناصر فى قرار تأميمها وكيف تسلط على سعيد والى مصر منذ كان غلاماصغيرا بينما كان ديليسبس موظفا بسفارة بلاده فى مصر ولم يكن مهندسا كما كان يعتقد البعض واستطاع أن يحصل على موافقته على حفر القناة فارتبط اسمه بها وبالليالى السود فى تاريخ مصر الحديث وفتح ديليسبس الباب للقروض الأجنبية وتفاقمت القروض فى عصر إسماعيل وهوت سياط السخرة على ظهور الفلاحين الذين حشدوهم للحفر وقد طوت أتربة القناة جماجمهم وعظامهم ومات منهم الآلاف وخربت الخزانة المصرية بسبب نفقات القناة وافتتحت للملاحة فى 17 نوفمبر 1869 لتنعم أوروبا بالثراء والرفاهية وتتسع رقعة احتلال الغرب للشرق وليكون جزاء مصر على ما قدمته فى حفر القناة من أرضها وأموالها وأرواح أبنائها نفوذا أجنبيا فى كل مرافق الحياة المصرية واحتلالا انجليزيا من أجل القناة فى 1882 وهو الاحتلال الذى أذاقها الذل والهوان أكثر من سبعين عاما .. هذه هى المأساة أو المؤامرة الكبرى فى التاريخ قديمه وحديثه وإلى أن وضع الرئيس عبد الناصر نهاية لها بتأميم القناة الذى أشعل جنون وذعر عواصم الاحتلال الغربى فكانوا كمن أصابهم مس من الشيطان وقادهم إلى العدوان الثلاثى فى بورسعيد فتلوثت أيديهم بدماء الشهداء وردوا على أعقابهم نادمين تاركين لنا يوم النصر العظيم .
◙ وأضيف إلى السطور التى نقلتها من مذكرات .د. مصطفى الحفناوى أنه كان من أعظم رموز هذا النصر مسارعة أبطال المقاومة والفدائيين إلى إسقاط تمثال الأفاك ديليسبس كرمز لإسقاط سيطرة الاحتلال على مصر وعلى قناتها فهل نعيد تمثال هذا الأفاك بكل ما ارتكبه من خطايا فى حفر القناة لتخدم أطماع بلاده والانجليز فى استعمارهما الشرق وهل نعتذر بإعادة التمثال المهين عن نضالنا وانتصارنا 1956 وكانت هناك من قبل محاولة لإعادة التمثال المهين تصدى لها شباب بورسعيدى من أبناء النضال والمقاومة فى القضية رقم 3134 وأيدهم القضاء الوطنى العادل فيها والذى وضع أمامه أيضا ومنذ أيام قليلة المستشار على أيوب إدانة المحاولة الجديدة لإعادة التمثال المهين وقد سارع إلى تأييد الرفض أبناء بورسعيد ومن قبل أيضا أيدهم قرار الدولة بنقل التمثال إلى المتحف الذى أقيم فى البيت الذى كان يسكنه ديليسبس على شاطئ القناة بالإسماعيلية وقد طالبنا بأن يوضع إلى جانب التمثال المهين وثيقة بكل ما ارتكب من خطايا وجرائم بحق مصر .. أيضا من أهم الوثائق التى تؤيد عدم عودة التمثال إلى قاعدته فى مدخل القناة ببورسعيد وثيقة صدرت من الجمعية المصرية للدراسات التاريخية وتضم نخبة من المؤرخين الكبار الذين أكدوا رفضهم القاطع لعودة التمثال إلى مدخل القناة.
◙ أكرر دعوتى أن يرفع على القاعدة فى مدخلها تمثال لمن استشهدوا فى حفرها من عمال وفلاحين.