حتي لا ينسي التاريخ ذكري رحيل الفدائى البطل محمد محمد خليفة الشهير بـ«شزام»،
كتب / علاء الدين الساوى
الذي ظل لسنوات يرتدى بدلة عسكرية حاملاً أوسمته التي حصل عليها، ويطوف بدراجته شوارع وأحياء مدينة الإسماعيلية ليروى ذكرياته وما شاهده خلال حرب الاستنزاف، وحتى انتصارات أكتوبر المجيدة،
وهو يردد كلمته الشهيرة «كوماندوز حديد»، حتى لقى ربه في 8 سبتمبر 2015 لتظل ذكراه عطرة محفورة في تاريخ الوطن، وذاكرة الإسماعيلية ومدن القناة عاش «شزام» حياته يتيماً، وحارب من أجل وطنه، وضحى بكل ما هو غالٍ ونفيس حتى شاهد سيناء وقد تحررت ورفع عليها العلم المصرى، وكرمه الرئيس الراحل أنورالسادات على العمليات العسكرية التي قام بها ضد العدو على خط القناة وفى سيناء.ولد «شزام» عام 1928 بقرية دنشواى، وكان يفتخر أن ابن عم ابيه أعدم في حادث دنشواى الشهير، وهرب إلى الإسماعيلية بعد زواج والده من سيدة أخرى بعد وفاة أمه، وكانت بداية معرفته طريق النضال حين كان يتجول بشارع السلطان حسين بوسط المدينة وشاهد جنديين بريطانيين يعتديان على سيدة فلاحة ويضربان زوجها ويحاولان إدخالها إلى البار لاغتصابها، فانقض عليهما وكسر رأسيهما واستولى على أسلحتهما ولاذ بالفرار ليبدأ مسيرة العمل الوطنى وهو في سن 14 سنة.
اصبح بعد ذلك أحد مدربى القوات الخاصة والصاعقة، حتى منتصف ثمانينيات القرن الماضى، وعاصر 3 حروب هي 67 و56 و73، كما شارك في القتال في غزة عامى 53 و54، ويحمل شهادات تؤكد مشاركته في معارك «البياضة»، و«خان يونس»، ومعارك استرداد المواقع الأمامية شديد والأوبيد والكاشف وشاكر وعاطف، فضلاً عن نضاله ضد قوات الاحتلال الإنجليزى ما جعله فدائياً لكل العصور.
سر تسميتة باسم «شزام» هو إعداده الكمائن على طريق فايد والقفز من الأشجار العالية على الارتال الأمنية الإنجليزية، وفى إحدى المرات نظر إليه ضابط إنجليزى عن بعد، وقال «شزام»، فأصبح اسم شهرة له، موضحاً أن الكلمة كانت عنوان فيلم عرض في ستينيات القرن الماضى، عن أحد الأبطال الخارقين اشتق اسمه من الأحرف الأولى لأسماء آلهة يونانية قديمة، ثم دخلت الكلمة ضمن مفردات اللغة الإنجليزية وأصبحت تطلق على الأشياء الخارقة للمنطق والطبيعة
لم يترك النضال قط، وكان ضمن مجموعات المقاومة المنظمة بمنطقة القناة، بمساعدة الضباط سامى حافظ، وكمال رفعت، وسعد عفرة، وعمر لطفى، وغيرهم، وشارك في خطف الملازم أنتونى مورهاوس، ابن عمة ملكة بريطانيا، وكان متعجرفاً ويؤذى كل مواطن مصرى يقابله، كما شارك في محاولة اغتيال الجنرال إكسهام، قائد القوات البريطانية في المنطقة، بقنبلة داخل «ساندوتش»، وتفجير كوبرى «سالا» الشهير بعربة برتقال، وخطف الجنود الإنجليز، وهى الأمور التي أدت بعد ذلك لاندلاع معركة 25 يناير التي أصبحت عيداً للشرطة، واستمر نضاله في بورسعيد حتى الجلاء.
و عندما حدثت نكسة يونيو عام 1967، خيم الحزن على المدينة، فارتدى بدلة عسكرية من جديد وذهب إلى المكتب الخاص بالعمليات العسكرية وسلم نفسه، وخرج ليقف على الضفة الغربية للقناة من جهة مبنى الإرشاد الخاص بهيئة قناة السويس، حتى يمنع عبور اليهود إلى الضفة الغربية، ثم أعلن الرئيس جمال عبدالناصر عن حرب الاستنزاف، فكان شزام من أوائل من لبوا النداء، وبدأ مهمة إعادة ترتيب وتدريب وحدات الجيش الذي طلب قادته من والدى مساعدتهم لقدرته على معرفة المنطقة، وتدريبه العسكرى خاصة أنه حصل على عدة دورات وفرق عسكرية، وعبر 3 مرات مع الفرقتين 33 و39 قتال، لتنفيذ عمليات خلف خطوط العدو، وأسر جنود، كان أبرزهم طياراً شاهد طائرته تتهاوى فتتبعه إلى عمق سيناء وأسره واحتفظ بمسدسه حتى الآن، كما شارك في عملية نسف الموقع 6 انتقاماً لاستشهاد عبدالمنعم رياض»
العبور كان لحظة تتويج مسيرته، حيث كان المدنى الوحيد الذي عبر مع القوات المسلحة، وأسر 3 جنود دفعة واحدة، ووثقهم بحبل وأجبرهم على السباحة أمامه في القناة حتى وصل مقر القيادة وسلمهم، كما نفذ عملية أخرى هي نسف موقع الفردان الذي كان تبة حصينة، فعبر القناة حاملاً جراكن القذائف وأفرغها في الموقع، وما أن عاد حتى انطلقت القاذفات تحرق الموقع بمن فيه».
كانت علاقتة بالرئيس الراحل أنورالسادات مميزة، وكان صديقه ويعتبره الفدائى الشخصى له، نظراً لتطوعه للعمل الوطنى دون مقابل، وكان يدعوه إلى عيد ميلاده، وفى إحدى المرات قبل توقيع اتفاقية السلام، أهداه والده قلما من الذهب الخالص كان قد أهداه إليه أحد أمراء السعودية، واستحلف الرئيس الراحل أن يستخدمه في التوقيع على اتفاقية السلام، ففرح السادات ووعده بتنفيذ طلبه.