الباحثة وسام عبدالمجيد تكتب . الرحلة المقدسة التي تحولت إلي أهم مورد مادي لتنمية في ضوء تجربة “السيد أنكو عبدالعزيز”
الباحثة وسام عبدالمجيد تكتب . الرحلة المقدسة التي تحولت إلي أهم مورد مادي لتنمية في ضوء تجربة “السيد أنكو عبدالعزيز”
عانت ماليزيا منذ استقلالها عام 1957م من أزمات اقتصاديه , وواجهت تحديات داخلية وخارجية , بالإضافة إلي سيطرة شركات الإحتلال علي نقاط ارتكازية هامة فى الهيكل الاقتصادي للدولة مما جعلها دائماً فى بحث مستمر عن مصادر تمويل .
لاحظ الاقتصادي البارز” أنكو عبدالعزيز ” وهو أستاذ دكتور بجامعة الملايا بماليزيا إقبال الماليزين علي الاشتراك في شركات ومؤسسات من أجل أداء فريضة الحج والتي تعتبر رحلة مقدسة ولها واقع كبير في جماعة ” الملايا ” وهم عرق من أعراق ماليزيا حالتهم المادية بسيطه ويدين أغلبهم بالأسلام,وعلي الرغم من التعددية الدينية والثقافية لكن يعلم المجتمع الماليزي علي مختلف أطيافه مكانة هذه الفريضة وقدسية الرحلة لكنها في تزايد مستمر كل عام مما جعل الحج الأولوية فيه لكبار السن .
من هذا المنطلق اقترح “أنكو عبدالعزيز ” بمشروع مختلف ولايعلم أنه فى المستقبل سوف يكون مقترحة تجربة اقتصادية تتدرس وفى ذلك المقصد سوف نستعرض تجربة صندوق (Haji Tabong) والتي تعني مدخرات الحج.
عرض الدكتور عبدالعزيز خطة المشروع على مجلس الوزراء في عهد السيد “تنكو عبد الرحمن” رئيس الوزراء في عام 1959 فوافق عليها كما وافق عليها البرلمان ، كانت توصية الدكتور عبدالعزيز أن تتدخر أموال الحج في مؤسسة خالية من الربا حتى يقبل الناس على وضع مدخراتهم فيها، وتقسم الأرباح بين المساهمين على أساس المشاركة،
أرسل رئيس الوزراء في ذلك الوقت إلي فضيلة الإمام شيخ الأزهر “محمود شلتوت” وعرض عليه الأمر فوافق علي المبدأ وقال : “إنها خطة مقبولة شرعًا، وسيجني منها المسلمون نفعًا كثيرًا”، طالب بتنفيذها ووعده بالزياره ، بعدها قام الشيخ شلتوت بزيارة ماليزيا, استثمر رئيس الوزراء “تنكو عبدالرحمن “الزيارة وموافقته ودعا إلي تشجيع المواطنين للإدخار والمشاركة في الصندوق . في عام 1963 أنشأ الصندوق بالفعل ، بغرض مساعدة الحجاج في تكاليف الرحلةحيث تقوم المؤسسة بالادخار. 1969 وتم إطلاق اسم “هيئة صندوق ادخار وشؤون الحجاج في ماليزيا .
تهدف هيئة صندوق “تابونجي حاج ” إلي :
– تخفيف تكاليف رحلة الحج على الماليزيِّين .
– انتقل الأمر من الادخار إلي الاستثمار في إطار الشريعة الإسلامية،
– شاركت الهيئة في الاستثمارات فى قطاعات العقارات وفي مشروعات وطنية أثمرت عن تنمية حقيقة وملموسة للمجتمع الماليزي, مما ترك أثرا طيباً في المواطن الماليزي .
– حرصت الهيئة علي توفير الرعاية للحجاج داخل الأراضي المقدسة من سكن وصحة وانتقالات وتقديم دورات حول كيفية أداء الفريضة .
قامت إدارة الصندوق بحملات اعلانية مكثفة لتشجيع المسلمين على الادخار نظراً للشفافية التعامل , استطاعت الهيئة أن تجتذب عملائها من كل الاعمار ومن مختلف الجنسيات فى 1969م وصل المودعين 47,970 فى عام 1994م , وصل الموديعين 2,536,600 باجمالى ودائع وصلت الى 12,9بليون رينجت ماليزى, في عام 2003م نما حجم المؤسسة وأصبحت أصولها تقدر 2,8 مليار دولار امريكى اما الأن تجاوزت أضعاف هذا الرقم . ومن الجميل يسمح بالمشاركة بالدولار وبالعملة المحلية مما ساهم في سد الفجوة الدولارية . تقدر الأرباح بمتوسط نسبة تتجاوز ال10% بعد خصم الزكاة والضرائب .
كما تشير الاحصاءات الى أن المبالغ الاجمالية التى تم توزيعها قد نمت الى 27 مليون رينجت ماليزى في عام 1985م الى 638 مليون رينجت ماليزى عام 2006م . تصرف الزكاة علي المشروعات التنموية ومساعدة الفقراء حتي وصلت نسبة الفقر لاتتجاوز ال5 % وهي نسبة محترمة لمجتمع كان يعيش أغلبه تحت خط الفقر بعد الاستقلال .وسمحت الهيئة لشباب وصغار أداء الفريضة بعد أن كانت قاصرة على كبار السن .
أنشطة هيئة الصندوق تابونجي : ساهمت الهيئة في زراعة مئات الأفدنه واهتمت بصناعة السكر وأنشات شركات خدمات عالمية مهتمة بالنقل والشحن ,وشركات سياحية , وشركات صيانة الكمبيوتر , وشركات خاصة بالتكنولوجيا التعليمية , وشركات مصرفية , أدارت هذه الهيئة الوقف الخاص بالصندوق من خلال إدارة الأصول إدارة رائعة حتى وصل الأمر لشراء أسطول بحري لنقل زيت النخيل فى البحر ويعتبر من أهم المنتجات التي تقوم على زراعتها العديد من المزارعين فى حقول ماليزيا . وبدأت الهيئة فى التعاون مع مصارف وبنوك خاصة بإدارة الأوراق المالية.
الإشراف والادارة : يخضع الصندوق وإدرته إلي الحكومة والجهات الرقابية ويسأل عنه رئيس الوزراء وأصبح من الموارد المالية الهامة لدي الدولة. حرص المواطن الماليزي علي المشاركة والادخار في صندوق “تابونجي” منذ طفولته حتي يؤدي الفريضة فى عمر الشباب , استمر هذا المشروع أكثر من ستين عاماً . نموذج تنموي استفاد منه جميع أعراق الشعب علي مختلف هويتهم وديانتهم تجمعهم مظلة المواطنة من رأس مال شعبي تحت شعار التنمية والايمان .
رحم الله الدكتور عبدالعزيز الذي جعل من شعيرة من شعائر الدين الا وهي الحج مصدر تمويل لمساعدة وطنه فى أصعب سنوات كانت تمر بها بعد الاستقلال وبعد سيطرت الاستعمار على قطاعات التعدين ونشوب حروب عرقية كانت الدماء على أرصفة الطرقات كان صندوق تابونجي أحد مصادر التمويل لتنمية ومكافحة الفقر .