الشيخ محمد رجب أبوتليح يكتب..”وريث النبي ﷺ الأكبر في مصر”
الشيخ محمد رجب أبوتليح يكتب..”وريث النبي ﷺ الأكبر في مصر”
كثير من سيظن من عنوان الكلام أننا نقصد يالوريث هنا شخصا بعينه لكن الحقيقة المقصود هو معنى ومبنى الوريث الأكبر الذي ورث الرسالة المحمدية عبر العصور وعمل على نشرها في أرجاء المعمورة إنه الأزهر الشريف يا سادة إن الحقيقة التي نراها بعين البصيرة والاستقراء التاريخي نجد أن البداية الحقيقية للمدارس العلمية كانت في: (دار الأرقم بن أبي الأرقم) المدرسة الأولى في الإسلام، والتي تعد الأصل في امتداد المدارس والمعاهد العلمية في تاريخ الأمة الإسلامية، والأزهر الشريف هو المدرسة الكبرى التي حفظت رسالة الإسلام واختار الله له اسما ليكون دالا على النور الذي أزهر وأراد الله تعالى أن يخرج منه إلى أرجاء الأرض، ليبدد ظلمات الجهالة فكان الأزهر فهو اسم بمجموع معانيه دال على النور والبياض والصفاء وفي هذا الاسم تتجلى حقيقة دلالته على المسمى فهو الأزهر الأنور الذي نور الدنيا شرقا وغربا بنور العلم والفهم عن الله ورسوله
وعلى هذا المعنى، نرى أن دار الأرقم هي: (أزهر مكة)، وشيخه رسول الله وطلابه الصحابة ، ومتنه الذي يدرس فيه هو القرآن الكريم بشرح النبي الأمين ، ثم كانت المدينة المنورة وكان أزهرها مسجد سيدنا رسول الله بشيخه وطلابه ومتنه كما في مكة، ثم فتحت مصر، وكان أزهرها هو مسجد عمرو بن العاص ، وفيه كان يتلى القرآن بشرح النبي وحواشي الصحابة الأجلاء، كعبد الله بن عمرو وأضرابه، وعلى هذا الفهم نستطيع أن نقول:
إن أقدم الجامعات الإسلامية هي الحلقات العلمية التي كانت تنعقد في مسجد رسول الله في عهد صاحب الرسالة العظمى بعد هجرته إلى المدينة المنورة، وفي مختلف العصور الإسلامية حتى العصر الحديث . وقد قامت الحلقات العلمية في المسجد الحرام بعد فتح مكة في العام الثامن للهجرة النبوية، وتصدرها كبار الصحابة ثم التابعون من بعدهم، ثم تابعوا التابعين، واستمرت هذه الحلقات تؤدي رسالتها في خدمة الثقافة الإسلامية والفكر الإسلام وهكذا انتقلت وامتدت سلسلة العلم الشريف من مكة إلى المدينة، ثم إلى مصر بعد الفتح ، حيث حل بها المئات من الصحابة ، ومنهم الفقهاء والعلماء، فنشروا ميراث النبي والعلم الشريف، فكانت بمثابة اللبنة الأساس لهذه المدرسة العظيمة، وكيف لا ؟! وقد أسسها أصحابه؟
وقد أكرم الله تعالى مصر بالكثير منهم، مما كان سببا في عناية المؤلفين بحصر أعدادهم، وذكر تراجمهم، قال السيوطي رحمه الله: قد ألف الإمام محمد بن الربيع الجيزي في ذلك كتابا في مجلد ذكر فيه مائة ونيفا وأربعين صحايبا، وقد فاته مثل ما ذكر أو أكثر، وقد ألفت في ذلك تأليفا لطيفا استوعبت فيه ما ذكره، وزدت عليه ما فاته من (تاريخ ابن عبد الحكم)، و(تاريخ ابن يونس)، و(طبقات ابن سعد)، و(تجريد الذهبي)، وغيرها فزدت في العدة على ثلاثمائة .
وقد نمت الحركة العلمية في الفسطاط، وكثرت الحلقات في مسجد عمرو الذي كان مركزا علميا لنشر الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة .
وهكذا استمرت الحركة العلمية في مصر تخدم رسالة الإسلام، حتى أذن الله تعالى للأزهر الشريف أن يشرق نوره في كافة أرجاء المعمورة، ويكون الوريث الأعظم لهذه المدارس الأولى في تاريخ الإسلام ووريث الرسالة المحمدية الأكبر الذي شرفت به مصر