في المليان : الضغوط المصرية مستمرة فى غزة والتصعيد ليس فى صـالـح الاحتلال
بقلم / حاتم زكريا
مدير تحرير جريدة الاخبار ـ مساعد رئيس الاتحاد العام للصحفيين العرب
من الأمور التي ليست فى حاجة إلى إثبات أن تؤكد المصادر المعنية المصرية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتابع التطورات فى قطاع غزة لحظة بلحظة مع خلية الأزمة المعنية بمتابعة الموقف وفقاً لتصريحات مسئول رفيع المستوي .. ووجه الرئيس بضرورة تكثيف الإجراءات للحيلولة دون مزيد من التصعيد فى غزة بعد أن حذرت مصر إسرائيل مجدداً من خطورة التصعيد وتداعياته على الأوضاع الإنسانية بالقطاع ..
ونفي نفس المصدر ما تداولته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن التنسيق مع مصر فى معبر رفح ، إلى جانب إعلان مصر اعتزامها التدخل رسمياً لدعم الدعوي التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر فى انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب إتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فى قطاع غزة . وأكد بيان لوزارة الخارجية يوم الأحد الماضي 12 مايو أن التقدم وإعلان التدخل فى الدعوي المشار إليها يأتي فى ظل تفاقم حدة ونطاق الإعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين فى غزة ودفعهم للنزوح والتهجير خارج أرضهم مما أدي إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة ..
وفي نفس السياق بحث الرئيس السيسي مع أنطونيو جويتريش يوم الخميس الماضي فى إتصال هاتفي مستجدات الأوضاع فى غزة بما فى ذلك الجهود المصرية المكثفة للتوصل إلى وقف إطلاق النار وإتفاقية للهدنة فى القطاع وما تتطلبه الظروف الراهنة من تضافر جميع الجهود الدولية لإنجاح مساعي الوساطة الحالية سعياً لتحقيق إنفراجة لهذا الوضع المتأزم تجنباً لتوسيع دائرة الصراع ..
وأشار الأمين العام للأمم المتحد إلى ضرورة الإنفاذ الفوري والكامل للمساعدات الإغاثية لجميع مناطق القطاع بلا عوائق لاسيما مع إنهيار المنظومة الإنسانية وتعرض أهالي القطاع لمخاطر المجاعة والأوبئة الأمر الذي يتطلب ضرورة إستمرار الدعم الكامل لعمل وكالة ” الأونروا ” التي تقوم بدور محوري فى دعم الشعب الفلسطيني ..
وتضمن الاتصال أيضا التحذير من العواقب الإنسانية الهائلة للعمليات العسكرية الإسرائيلية فى رفح الفلسطينية التي تمثل عائقاً خطيراً أمام إنتظام عمليات خروج الجرحى والمرضي لتلقي العلاج ودخول المساعدات الإنسانية الإغاثية .
كما شدد الاتصال على ضرورة العمل على ضمان حق الشعب الفلسطيني فى تقرير مصيره عبر إنفاذ الإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية للحيلولة دون تفاقم الصراع وإرساء الإستقرار والتعايش لشعوب المنطقة ..
وتتزامن الأحداث المأساوية التي تتعرض لها غزة ومدينة رفح مع تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار بشأن أحقية فلسطين بالعضوية الكاملة كدولة مستقلة .. أيدت مشروع القرار 143 دولة بينما رفض 9 أعضاء وامتنعت 25 دولة عن التصويت .. ورحبت مصر بالقرار واعتبرته تجسيداً لواقع وحقيقة تاريخية على الأرض وإعترافاً بحقوق شعب عاني لأكثر من 7 عقود من الإحتلال الأجنبي منوهة إلى أهمية توقيت صدور القرار فى مرحلة دقيقة تمر بها القضية الفلسطينية ، وطالبت فى بيان لوزارة الخارجية يوم الجمعة 10 مايو مجلس الأمن والأطراف الدولية المؤثرة بالتعامل بالمسئولية المطلوبة مع الوضع الخطير الذي يشهده قطاع غزة لاسيما مدينة رفح الفلسطينية التي تتعرض لمخاطر إنسانية جمة نتيجة السيطرة الإسرائيلية على المعابر ومنع تدفق المساعدات الإنسانية .. وفي خضم التوتر الذي ساد المناقشات قام السفير الإسرائيلي لدي الأمم المتحدة جلعاد أردان بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة على منصة الجمعية العامة وهاجم أعضاءها ..
وتؤكد الصحافة العالمية بعد ذلك أن التصويت الساحق لفلسطين يقول أن عزلة إسرائيل أصبحت فى تنام بسبب الحرب فى غزة وعنف المستوطنين فى الضفة الغربية .. ومنح مشروع القرار الجديد حقوقاً إضافية لفلسطين كدولة مراقب وبعض المزايا وذلك إعتباراً من شهر سبتمبر القادم .. ومن الحقوق الإضافية لفلسطين الحصول على مقعد مع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة فى قاعة الجمعية وتقديم مقترحات وتعديلات وإثارة الإقتراحات الإجرائية خلال الاجتماعات من دون المرور بدولة ثانية .. وهو ما لم يكن بوسعها القيام به من قبل بوصفها دولة مراقباً .. ولكن القرار لا يمنح فلسطين الحق فى التصويت .. ودعت الجمعية العامة مجلس الأمن لإعادة النظر في منح فلسطين العضوية الكاملة .. وحذرت واشنطن من أنه إذا عادت المسألة إلي مجلس الأمن ، فانه سيكون مصيرها مثل تلك التي سجلت فى ابريل الماضي عندما استخدمت حق النقض ” الفيتو ” ..
ولا شك أن التصويت الساحق من الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح فلسطين يوضح حجم الضغوط التي تتعرض لها إسرائيل من سائر دول العالم حتي من أكبر حلفائها .. ويبدو هذا واضحاً تماماً .. ويؤيده أيضا ما قالته نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الشئون الأوروبية والخارجية بسلوفينيا تانيا فايون خلال زيارتها لرفح فى الجانب المصري يوم السبت الماضي 11 مايو ، وتأكيدها أن بلادها تشعر بقلق بالغ إزاء ما يحدث بقطاع غزة والوضع الإنساني المتردي الذي يتعرض له المدنيون الأبرياء جراء العدوان الإسرائيلي..
وكانت تصريحات سامح شكري وزير الخارجية خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نائبة رئيس الوزراء بسلوفينيا غاية فى الأهمية عندما أشار إلى أن الوضع الحالي فى معبر رفح يفرض على إسرائيل أن توفر المساعدات للشعب الفلسطيني كقوة احتلال ، وأضاف أن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل هي خيار استراتيجي اتخذته مصر منذ 4 عقود وهو ركيزة للسلام فى المنطقة والاتفاقية لها آليات لتناول أي مخالفات قد تمت وآليات للتعامل مع المخالفات إذا وجدت ، وهذا أمر يتم فى إطار فني وفى إطار لجنة الإتصال العسكري ، ونتعامل مع الإتفاقية من هذا المنظور .. وشدد شكري على ضرورة التعاون من أجل تحقيق الهدف الحيوي بحماية الشعب الفلسطيني ليس اتصالاً بالوضع الحالي فى غزة ولكن بالوصول إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية مشيراً إلى استمرار الجهود المصرية مع الشركاء الدوليين لتحقيق ذلك بشرط توافر إرادة سياسية ..
وفي الوقت الذي تتفاقم فيه حدة الأزمة الإنسانية بمدينة رفح الفلسطينية أجري سامح شكري وزير الخارجية مباحثات هاتفية بهذا الشأن يوم الجمعة الماضي 10 مايو مع نظرائه فى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا .. وأكد شكري خلال الإتصال ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار وحث الأطراف على إبداء المرونة وبذل الجهود اللازمة للتوصل إلى إتفاق هدنة يضع حداً للمأساة الإنسانية ويسمح بنفاذ المساعدات بصورة كاملة ومستدامة ..