نص كلمة سفير فنزويلا في الذكرى 11 على رحيل تشافيز
أمير أبورفاعي
بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لرحيل القائد هوجو تشافيز، القى سفير فنزويلا لدى جمهورية مصر العربية، ويلمر أومار بارينتوس، كلمة قال خلالها
مساء الخير
سيادة وكيل وزارة الثقافة للشئون الفنية السيد تامر عبد المنعم،
أصحاب السعادة السفراء و السادة الدبلوماسيون المعتمدون لدى جمهورية مصر العربية
الزملاء و الزميلات الأعزاء،
لقد بدأنا هذا التكريم بمشاهدة فيديو لعرض الأوركسترا السيمفوني “سيمون بوليفار” بقيادة المايسترو جوستافو دوداميل للمقطوعة الموسيقية “المامبو” من تأليف المايسترو ليونارد برنشتاين، والتي تبث فينا روح النشاط والطاقة، لأن اليوم هو يوم الفرح، ويوم السرور، لأن القائد تشافيز لم يمت بالنسبة لنا؛ فعمله وإرثه لا يزالان حيان وحاضران في قلوب جميع الفنزويليين.
بمناسبة إحياء الذكرى الحادية عشرة لرحيله الجسدي، نوجه هذه التحية إلى هوجو رافائيل تشافيز فرياس، الذي وُلد ونشأ في منزل متواضع، في بيئة ريفية؛ ولكنه مع ذلك أيضًا وصل، على مدار حياته، إلى مستوى من الوعي التاريخي لمواجهة الظلم الاجتماعي واحتضان القضايا النبيلة للقطاعات الشعبية المستبعدة بحثًا عن عالم أفضل وأكثر مساواة. ومع القائد تشافيز، ازدهرت إحدى أهم القيادات ذات التأثير التاريخي الأعظم في فنزويلا وأمريكا اللاتينية والعالم، إذ إن شجاعته وجرأته والإجراءات السياسية التي اتخذها لا تزال موجودة كما هي في المجتمع الفنزويلي وفي جميع أنحاء أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وفي كل ركن من أركان الكوكب حيث تتم محاربة القمع وسياسة الإقصاء وعدم المساواة والظلم.
وقد كان لهذه القيادة السياسية والشعبية المهيبة تأثير لا يمكن دحضه على التحولات الجذرية للمجتمع الفنزويلي، وعلى الصحوة التقدمية لأمريكا اللاتينية وعلى ولادة الأمل من جديد لشعوب العالم المنسية. لقد كان تشافيز المتحدث باسم الأشخاص الذين لا صوت لهم في كوكبنا المنهوب، وطالما كان يتخذ من الإنسان محورًا لأعماله الثورية، معطيًا الأولوية الكبرى لرفاه العيش، وللسعادة الاجتماعية القصوى للشعب، وخاصة أولئك المحرومين والمستبعدين.
في كفاحه الدؤوب من أجل بناء عالم متعدد المراكز ومتعدد الأقطاب، هز القائد تشافيز الأسس التي دعمت النظام الدولي في الفترة التي تلت نهاية الحرب الباردة والتي اتسمت بالأحادية القطبية المزعومة والاستعمار الجديد النيوليبرالي المتسلط.
والحقيقة أن تشافيز، بفضل مشروعه التاريخي، نجح في دفع فنزويلا إلى تأسيس طريقة جديدة للتعامل مع العالم، مع تفضيل دبلوماسية السلام البوليفارية باعتبارها وسيلة للمساهمة في بناء عالم متعدد المراكز والأقطاب. كما وضع فنزويلا كمرجع مناهض للإمبريالية يدافع عن استقلال دول العالم وعن حقها في تقرير مصيرها، مع التمسك بإرادة الشعوب وقدرتها على التحول، وتعزيز التكامل بين بلدان الجنوب وإقامة العلاقات الدولية المبنية على أساس المصالح المشتركة والتقدم السيادي، دون أي وصاية من القوى المهيمنة.
وبالنسبة لتشافيز، فإن اتحاد الشعوب تجاوز حدود أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، إذ إنه بذل، بقيادته الحكيمة، جهودًا كبيرة لتحقيق الوحدة بين بلدان وشعوب الجنوب حول العالم.
وكدليل على هذا الالتزام، عمل هوجو تشافيز بلا كلل من أجل تعزيزمحافل الحوار الإقليمية مثل قمة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية (ASPA) و قمة الدول العربية ودول أفريقيا(ASA) ، لإنشاء سبل جديدة للربط بين المنطقتين وتطوير مشاريع ذات منفعة متبادلة لربط حضاراتنا المترابطة تاريخيًا، مع الأخذ بعين الاعتبار جذورنا والقواسم المشتركة بيننا للعمل معًا في مواجهة التحديات العالمية القهرية، في سياق لا يمكن فيه الاستغناء عن الحوار والتكامل والتضامن، والذي يدعو إليه التعاون فيما بين بلدان الجنوب.
ومن الواضح أن الدفاع عن القضية الفلسطينية، في ظل تلك العلاقة المميزة مع إخواننا في العالم العربي، احتل مكانة كبيرة من حيث الإجراءات المتخذة من قبل هوجو تشافيز، إذ إنه طالما كان يدعم، بكل حزم وإصرار، حق فلسطين في تقرير مصيرها وإقامة دولة حرة ذات سيادة، دولة يمكن العيش فيها، لأن السلام في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الاحترام الكامل للقانون الدولي ومن خلال تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي انتهكتها قوات الاحتلال الإسرائيلي مرارًا وتكرارًا.
ولا يزال دعم فنزويلا غير المحدود للقضية الفلسطينية ثابتًا يعكس هذا المبدأ، إذ إنه مؤخرًا، نادى الرئيس نيكولاس مادورو بصوت فنزويلا ليطالب (أقتبس): “كيف يمكن أن نبقى صامتين أمام أعظم وأفظع جريمة ترتكب في القرن الحادي والعشرين؟ لا يمكننا أن نصمت، ولن نصمت؛ وستواصل فنزويلا النداء بصوتها لتقول: أوقفوا الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني! أوقفوا إطلاق النار في غزة! لا مزيد من القصف! لا مزيد من جرائم القتل! السلام لفلسطين! الحياة لفلسطين!”
وبينما نحتفل بمرور 11 عامًا على ذكرى رحيله، فلا يزال القائد تشافيز هنا بيننا، يتابعنا دائمًا، بمثابة المرشد والمنارة المتوهجة في كل المعارك التي نخوضها يومًا بعد يوم. إن تشافيز يعيش وسيعيش إلى الأبد، ولهذا السبب فإن هذا التاريخ هو سبب للفرح والسرور الشعبي، ومناسبة للتأكيد على ولائنا لقوته الروحية، ولإرثه الذي لا يمحى، والذي يدعمنا لمواصلة مقاومتنا المنتصرة وللتغلب على كل الاعتداءات والهجمات الإمبريالية.
نحو النصر دائمًا!
سنعيش وسننتصر!
شكرًا جزيلًا