الشبراوي: الإسلام كفل للمسيحيين الأمن والأمان وعلينا الرجوع لصحيح الدين
أمير أبورفاعي
أكد المهندس محمد عبدالخالق الشبراوي، شيخ الطريقة الشبراوية الخلوتية، أن نص العهد النبوي لنصارى نجران
ملزم للمسلمين في كلّ مكان وزمان، ففي قراءة مـتأنية لنص العهد النبوي لنصارى نجران استوقفني أمران شكليان، الأمر الأول هو أن العهد لم يكن لنصارى نجران حصراً، إنما للمسيحيين عموماً، والأمر الثاني هو أن الإلتزام الإسلامي بنص العهد لم يكن محدداً بمسلمي الفترة الزمنية التي صدر فيها، ولكنه نص ملزم لكل المسلمين في كل زمان ومكان وحتى قيام الساعة، ويؤكد الأمر الأول ما ورد في مقدمة العهد حيث يقول “هذا كتاب أمان من الله ورسوله، اللذين اوتوا الكتاب من النصارى، من كان منهم على دين نجران، وأن على شيء من نحل النصرانية، كتبه لهم محمد بن عبدالله، رسول الله الى الناس كافة؛ ذمة لهم من الله ورسوله”،
ويؤكد الأمر الثاني قوله “انه عهد عهده إلى المسلمين من بعده عليهم أن يعوه ويعرفوه ويؤمنوا به ويحفظوه لهم، ليس لأحد من الولاة، ولا لذي شيعة من السلطان وغيره نقضه، ولا تعديه إلى غيره، ولا حمل مؤونة من المؤمنين، سوى الشروط المشروطة في هذا الكتاب، فمن حفظه ورعاه ووفى بما فيه فهو على العهد المستقيم والوفاء بذمة رسول الله، ومن نكثه وخالفه إلى غيره وبدله فعليه وزره؛ وقد خان أمان الله، ونكث عهده وعصاه، وخالف رسوله، وهو عند الله من الكاذبين”.
وأضاف الشبراوي، وفي ضوء العهد النبوي إلى المسلمين عامة، وفي ضوء الإلزام النبوي بنص العهد للمسلمين عامة، وفي ضوء إعتبار من يخالفه أو ينكثه أو يبدله عاصياً لله ولرسوله، من المهم التوقف أولا أمام بنود العهد، ومن ثم مقارنتها بواقع العلاقات الإسلامية – المسيحية وبدور المرجعيات الدينية الإسلامية في التعامل مع هذا الواقع.
وينص العهد في ما ينص عليه(1):
أولا، “ان احمي جانبهم – اي النصارى – وأذبّ عنهم وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتهم ومواضع الرهبان ومواطن السياح، حيث كانوا من جبل او واد او مغار او عمران او سهل او رمل”.
ثانيا، “ان احرس دينهم وملتهم اين كانوا؛ من بر او بحر، شرقا وغرباً، بما احفظ به نفسي وخاصتي، واهل الاسلام من ملتي”.
ثالثا، “ان ادخلهم في ذمتي وميثاقي واماني، من كل اذى ومكروه او مؤونة او تبعة. وان اكون من ورائهم، ذابا عنهم كل عدو يريدني واياهم بسوء، بنفسي واعواني واتباعي واهل ملتي”.
رابعا، “ان اعزل عنهم الاذى في المؤن التي حملها اهل الجهاد من الغارة والخراج، الا ما طابت به انفسهم. وليس عليهم اجبار ولا اكراه على شيء من ذلك”.
خامسا، “لا تغيير لأسقف عن اسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا سائح عن سياحته، ولا هدم بيت من بيوت بيعهم، ولا إدخال شيء من بنائهم في شيء من أبنية المساجد، ولا منازل المسلمين. فمن فعل ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله وحال عن ذمة الله”.
سادسا، “أن لا يحمل الرهبان و الأساقفة، ولا من تعبد منهم، أو لبس الصوف، أو توحد في الجبال والمواضع المعتزلة عن الأمصار شيئا من الجزية أو الخراج…”.
سابعا، “لا يجبر أحد ممن كان على ملة النصرانية كرها على الإسلام. “ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن”. ويخفض لهم جناح الرحمة ويكف عنهم اذى المكروه حيث كانوا، واين كانوا من البلاد”.
ثامنا، “أن أجرم واحد من النصارى أو جنى جناية، فعلى المسلمين نصره والمنع والذب عنه والغرم عن جريرته، والدخول في الصلح بينه وبين من جنى عليه. فإما مُنّ عليه، او يفادي به”.
تاسعا، “لا يرفضوا ولا يخذلوا ولا يتركوا هملا، لأني أعطيتهم عهد الله على أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين”.
عاشرا، “على المسلمين ما عليهم بالعهد الذي استوجبوا حق الذمام، والذب عن الحرمة، واستوجبوا ان يذب عنهم كل مكروه، حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم، وفيما عليهم”.
حادي عشر، “لهم ان احتاجوا في مرمة – ترميم – بيعهم وصوامعهم، او شيء من مصالح امورهم ودينهم، الى رفد من المسلمين وتقوية لهم على مرمتها – ترميمها -، ان يرفدوا على ذلك ويعاونوا، ولا يكون ذلك دينا عليهم، بل تقوية لهم على مصلحة دينهم ووفاء بعهد رسول الله موهبة لهم ومنة لله ورسوله عليهم”.
وهنا لن أفيض أكثر من الحديث عن هذا الموقف الديني المبدئي الشرعي التأسيسي لعلاقات المسلمين بالمسيحيين، وهو موقف إلتزم به الخلفاء الراشدون من بعد النبي عليه السلام، ولعل من أشهر المواثيق التي تؤكد هذا الإلتزام، العهدة العمرية لمسيحيي القدس، والمنح التي قدمها الأمويون لمسيحيي دمشق لبناء كنائسهم.
ثم إنه إضافة إلى هذه الثوابت الدينية الملزمة هناك موقف إسلامي عام ملزم أيضاً، يتمثل في حديث للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم). فعندما سئل: من هو المسلم، أجاب: “المسلم من سلم الناس (أي كل الناس بصرف النظر عن الدين او اللون أو العنصر أو الثقافة) من يده ولسانه”. فلا أذية بعمل (باليد) ولا أذية بكلمة (باللسان)، وإذا كان هذا هو الموقف العام تجاه الناس كافة، فكيف يجب أن يكون من أولئك الذين وصفهم القرآن الكريم بأنهم “أقرب مودة للذين آمنوا” والذي ربط هذه المودة الايمانية بأن “منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون”؟.
وأشار الشبراوي، وإذا ما عرضنا لواقع العلاقات الإسلامية – المسيحية اليوم في ضوء ما تتسم به من مظاهر سلبية هنا أو هناك، لا نستطيع إلا أن نتساءل هل المرجعيات الدينية نجحت في نشر هذه المبادىء في الثقافة الدينية العامة، وهل عملت على تكريسها في السلوك اليومي للناس؟، وهذا يحملنا على طرح هذا السؤال أحداث ووقائع تتوالى فصولاً في دول عربية مثل العراق، وفي دول غير عربية مثل نيجيريا، وفي دول إسلامية مثل ماليزيا، تشير إلى ما يتناقض، أو إلى ما لا ينسجم، مع المبادىء والقيم النبوية الملزمة للمسلمين جميعا، ويعود ذلك إما إلى الجهل بهذه الإلتزامات أو إلى تجاهلها، وتاليا إلى تغييبها عن الثقافة العامة في بعض المجتمعات الاسلامية، ولو أنها كانت حاضرة ومؤثرة وفاعلة كما يجب، لما امتدت يد لاغتيال كاهن هنا أو راهب هناك، ولما فجرت كنيسة هنا أو بيت مسيحي هناك.
وتابع شيخ الطريقة الشبراوية الخلوتية، المهندس/ محمد عبدالخالق الشبراوي، ولأن الطبيعة لا تعرف الفراغ، فإن تغييب هذه الثقافة يشرع الأبواب أمام ثقافة أخرى معاكسة، يمليها الجهل بالثوابت الإيمانية ويملي مبادئها التطرف والغلو بما هو كراهية الآخر ومحاولة لإلغائه، عندما يتعرض الإسلام إلى الافتراء وإلى محاولات التشويه والتضليل، غالبا ما تبادر مرجعيات مسيحية كبرى إلى التصدي لهذه المحاولات وإلى تسفيهها، من الموقف من منع الحجاب في فرنسا، إلى الموقف من الفيلم المسيء لرسول الله عليه السلام في هولندا، إلى الرسوم الكاريكاتورية في الدانمارك، إلى منع بناء المآذن في سويسرا، إنتهاء بالدعوة إلى حرق القرآن الكريم في كنيسة مجهولة في بلدة صغيرة من ولاية فلوريدا الأميركية، فقد ارتفعت أصوات مرجعيات مسيحية تندد وتستنكر، من الفاتيكان، إلى مجلس الكنائس العالمي، إلى مجلس الكنائس الوطني الأميركي، إلى إتحاد الكنائس الإنجيلية، إلى مجلس كنائس الشرق الأوسط، وشاركت في رفع هذه الأصوات مرجعيات دينية يهودية في الولايات المتحدة واوروبا، حتى عندما ارتكبت جريمة 11 سبتمبر 2001 رأينا كيف بادر البابا الراحل يوحنا بولس الثاني إلى إستضافة مؤتمر إسلامي – مسيحي في الفاتيكان من أجل أن يعلن الموقف المبدئي وهو “أن الإجرام لا دين له”، و
لا شك في أن هذه المواقف المسيحية الاخلاقية السامية تتعزز وتستقوي بمواقف لمرجعيات إسلامية من قضايا تتعلق بانتهاك حقوق مسيحيين هنا أو بالإفتراء على المسيحية هناك، علماً بأن مثل هذه المواقف ليست مفترضة على قاعدة المعاملة بالمثل، إنما هي مفروضة على قاعدة الإلتزام بالإسلام شرعة ومنهاجاً.
من هنا نعود إلى بيت القصيد، وهو أهمية دور المرجعيات الدينية الإسلامية في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر فيها العلاقات الإسلامية المسيحية في العالم العربي وفي العالم، في التعريف بالثوابت الإيمانية النبيلة التي قامت عليها هذه العلاقات منذ العهد النبوي والتي يجب أن تقوم عليها اليوم وغداً وحتى نهاية الزمن، ولنا كمسلمين في رسول الله أسوة حسنة.واخيرا، أود أن أختم كلامي بالآية القرآنية الكرية التي تقول:”من أهل الكتاب أمة قائمة يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات واولئك من الصالحين”.
جدير بالذكر أنه قد مر خمس سنوات على إصدار
الشبراوي: الإسلام كفل للمسيحيين الأمن والأمان وعلينا الرجوع لصحيح الدين
أكد المهندس محمد عبدالخالق الشبراوي، شيخ الطريقة الشبراوية الخلوتية، أن نص العهد النبوي لنصارى نجران
ملزم للمسلمين في كلّ مكان وزمان، ففي قراءة مـتأنية لنص العهد النبوي لنصارى نجران استوقفني أمران شكليان، الأمر الأول هو أن العهد لم يكن لنصارى نجران حصراً، إنما للمسيحيين عموماً، والأمر الثاني هو أن الإلتزام الإسلامي بنص العهد لم يكن محدداً بمسلمي الفترة الزمنية التي صدر فيها، ولكنه نص ملزم لكل المسلمين في كل زمان ومكان وحتى قيام الساعة، ويؤكد الأمر الأول ما ورد في مقدمة العهد حيث يقول “هذا كتاب أمان من الله ورسوله، اللذين اوتوا الكتاب من النصارى، من كان منهم على دين نجران، وأن على شيء من نحل النصرانية، كتبه لهم محمد بن عبدالله، رسول الله الى الناس كافة؛ ذمة لهم من الله ورسوله”،
ويؤكد الأمر الثاني قوله “انه عهد عهده إلى المسلمين من بعده عليهم أن يعوه ويعرفوه ويؤمنوا به ويحفظوه لهم، ليس لأحد من الولاة، ولا لذي شيعة من السلطان وغيره نقضه، ولا تعديه إلى غيره، ولا حمل مؤونة من المؤمنين، سوى الشروط المشروطة في هذا الكتاب، فمن حفظه ورعاه ووفى بما فيه فهو على العهد المستقيم والوفاء بذمة رسول الله، ومن نكثه وخالفه إلى غيره وبدله فعليه وزره؛ وقد خان أمان الله، ونكث عهده وعصاه، وخالف رسوله، وهو عند الله من الكاذبين”.
وأضاف الشبراوي، وفي ضوء العهد النبوي إلى المسلمين عامة، وفي ضوء الإلزام النبوي بنص العهد للمسلمين عامة، وفي ضوء إعتبار من يخالفه أو ينكثه أو يبدله عاصياً لله ولرسوله، من المهم التوقف أولا أمام بنود العهد، ومن ثم مقارنتها بواقع العلاقات الإسلامية – المسيحية وبدور المرجعيات الدينية الإسلامية في التعامل مع هذا الواقع.
وينص العهد في ما ينص عليه(1):
أولا، “ان احمي جانبهم – اي النصارى – وأذبّ عنهم وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتهم ومواضع الرهبان ومواطن السياح، حيث كانوا من جبل او واد او مغار او عمران او سهل او رمل”.
ثانيا، “ان احرس دينهم وملتهم اين كانوا؛ من بر او بحر، شرقا وغرباً، بما احفظ به نفسي وخاصتي، واهل الاسلام من ملتي”.
ثالثا، “ان ادخلهم في ذمتي وميثاقي واماني، من كل اذى ومكروه او مؤونة او تبعة. وان اكون من ورائهم، ذابا عنهم كل عدو يريدني واياهم بسوء، بنفسي واعواني واتباعي واهل ملتي”.
رابعا، “ان اعزل عنهم الاذى في المؤن التي حملها اهل الجهاد من الغارة والخراج، الا ما طابت به انفسهم. وليس عليهم اجبار ولا اكراه على شيء من ذلك”.
خامسا، “لا تغيير لأسقف عن اسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا سائح عن سياحته، ولا هدم بيت من بيوت بيعهم، ولا إدخال شيء من بنائهم في شيء من أبنية المساجد، ولا منازل المسلمين. فمن فعل ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله وحال عن ذمة الله”.
سادسا، “أن لا يحمل الرهبان و الأساقفة، ولا من تعبد منهم، أو لبس الصوف، أو توحد في الجبال والمواضع المعتزلة عن الأمصار شيئا من الجزية أو الخراج…”.
سابعا، “لا يجبر أحد ممن كان على ملة النصرانية كرها على الإسلام. “ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن”. ويخفض لهم جناح الرحمة ويكف عنهم اذى المكروه حيث كانوا، واين كانوا من البلاد”.
ثامنا، “أن أجرم واحد من النصارى أو جنى جناية، فعلى المسلمين نصره والمنع والذب عنه والغرم عن جريرته، والدخول في الصلح بينه وبين من جنى عليه. فإما مُنّ عليه، او يفادي به”.
تاسعا، “لا يرفضوا ولا يخذلوا ولا يتركوا هملا، لأني أعطيتهم عهد الله على أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين”.
عاشرا، “على المسلمين ما عليهم بالعهد الذي استوجبوا حق الذمام، والذب عن الحرمة، واستوجبوا ان يذب عنهم كل مكروه، حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم، وفيما عليهم”.
حادي عشر، “لهم ان احتاجوا في مرمة – ترميم – بيعهم وصوامعهم، او شيء من مصالح امورهم ودينهم، الى رفد من المسلمين وتقوية لهم على مرمتها – ترميمها -، ان يرفدوا على ذلك ويعاونوا، ولا يكون ذلك دينا عليهم، بل تقوية لهم على مصلحة دينهم ووفاء بعهد رسول الله موهبة لهم ومنة لله ورسوله عليهم”.
وهنا لن أفيض أكثر من الحديث عن هذا الموقف الديني المبدئي الشرعي التأسيسي لعلاقات المسلمين بالمسيحيين، وهو موقف إلتزم به الخلفاء الراشدون من بعد النبي عليه السلام، ولعل من أشهر المواثيق التي تؤكد هذا الإلتزام، العهدة العمرية لمسيحيي القدس، والمنح التي قدمها الأمويون لمسيحيي دمشق لبناء كنائسهم.
ثم إنه إضافة إلى هذه الثوابت الدينية الملزمة هناك موقف إسلامي عام ملزم أيضاً، يتمثل في حديث للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم). فعندما سئل: من هو المسلم، أجاب: “المسلم من سلم الناس (أي كل الناس بصرف النظر عن الدين او اللون أو العنصر أو الثقافة) من يده ولسانه”. فلا أذية بعمل (باليد) ولا أذية بكلمة (باللسان)، وإذا كان هذا هو الموقف العام تجاه الناس كافة، فكيف يجب أن يكون من أولئك الذين وصفهم القرآن الكريم بأنهم “أقرب مودة للذين آمنوا” والذي ربط هذه المودة الايمانية بأن “منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون”؟.
وأشار الشبراوي، وإذا ما عرضنا لواقع العلاقات الإسلامية – المسيحية اليوم في ضوء ما تتسم به من مظاهر سلبية هنا أو هناك، لا نستطيع إلا أن نتساءل هل المرجعيات الدينية نجحت في نشر هذه المبادىء في الثقافة الدينية العامة، وهل عملت على تكريسها في السلوك اليومي للناس؟، وهذا يحملنا على طرح هذا السؤال أحداث ووقائع تتوالى فصولاً في دول عربية مثل العراق، وفي دول غير عربية مثل نيجيريا، وفي دول إسلامية مثل ماليزيا، تشير إلى ما يتناقض، أو إلى ما لا ينسجم، مع المبادىء والقيم النبوية الملزمة للمسلمين جميعا، ويعود ذلك إما إلى الجهل بهذه الإلتزامات أو إلى تجاهلها، وتاليا إلى تغييبها عن الثقافة العامة في بعض المجتمعات الاسلامية، ولو أنها كانت حاضرة ومؤثرة وفاعلة كما يجب، لما امتدت يد لاغتيال كاهن هنا أو راهب هناك، ولما فجرت كنيسة هنا أو بيت مسيحي هناك.
وتابع شيخ الطريقة الشبراوية الخلوتية، المهندس/ محمد عبدالخالق الشبراوي، ولأن الطبيعة لا تعرف الفراغ، فإن تغييب هذه الثقافة يشرع الأبواب أمام ثقافة أخرى معاكسة، يمليها الجهل بالثوابت الإيمانية ويملي مبادئها التطرف والغلو بما هو كراهية الآخر ومحاولة لإلغائه، عندما يتعرض الإسلام إلى الافتراء وإلى محاولات التشويه والتضليل، غالبا ما تبادر مرجعيات مسيحية كبرى إلى التصدي لهذه المحاولات وإلى تسفيهها، من الموقف من منع الحجاب في فرنسا، إلى الموقف من الفيلم المسيء لرسول الله عليه السلام في هولندا، إلى الرسوم الكاريكاتورية في الدانمارك، إلى منع بناء المآذن في سويسرا، إنتهاء بالدعوة إلى حرق القرآن الكريم في كنيسة مجهولة في بلدة صغيرة من ولاية فلوريدا الأميركية، فقد ارتفعت أصوات مرجعيات مسيحية تندد وتستنكر، من الفاتيكان، إلى مجلس الكنائس العالمي، إلى مجلس الكنائس الوطني الأميركي، إلى إتحاد الكنائس الإنجيلية، إلى مجلس كنائس الشرق الأوسط، وشاركت في رفع هذه الأصوات مرجعيات دينية يهودية في الولايات المتحدة واوروبا، حتى عندما ارتكبت جريمة 11 سبتمبر 2001 رأينا كيف بادر البابا الراحل يوحنا بولس الثاني إلى إستضافة مؤتمر إسلامي – مسيحي في الفاتيكان من أجل أن يعلن الموقف المبدئي وهو “أن الإجرام لا دين له”، و
لا شك في أن هذه المواقف المسيحية الاخلاقية السامية تتعزز وتستقوي بمواقف لمرجعيات إسلامية من قضايا تتعلق بانتهاك حقوق مسيحيين هنا أو بالإفتراء على المسيحية هناك، علماً بأن مثل هذه المواقف ليست مفترضة على قاعدة المعاملة بالمثل، إنما هي مفروضة على قاعدة الإلتزام بالإسلام شرعة ومنهاجاً.
من هنا نعود إلى بيت القصيد، وهو أهمية دور المرجعيات الدينية الإسلامية في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر فيها العلاقات الإسلامية المسيحية في العالم العربي وفي العالم، في التعريف بالثوابت الإيمانية النبيلة التي قامت عليها هذه العلاقات منذ العهد النبوي والتي يجب أن تقوم عليها اليوم وغداً وحتى نهاية الزمن، ولنا كمسلمين في رسول الله أسوة حسنة.واخيرا، أود أن أختم كلامي بالآية القرآنية الكرية التي تقول:”من أهل الكتاب أمة قائمة يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات واولئك من الصالحين”.
جدير بالذكر أنه قد مر خمس سنوات على إصدار “وثيقة الأخوة الإنسانية ” التي أصدرها الازهر الشريف بالتعاون مع الفاتيكان وتحت رعاية دولة الأمارات العربية.