بدء عملية التفاوض بشأن انشاء المنطقة الصناعية الألمانية بالمنطقة الإقتصادية لقناة السويس
كتب: الصافى عبدالله
استضافت العاصمة الألمانية برلين فعاليات الدورة السادسة للجنة الإقتصادية المصرية الألمانية المشتركة حيث ترأس الجانب المصري المهندس أحمد سمير، وزير التجارة والصناعة كما ترأس الجانب الألماني آنجا هاجدوك، وزيرة الدولة بوزارة الشئون الإقتصادية وحماية المناخ الألمانية، وذلك بحضور عدد كبير من المسئولين ورجال الأعمال من مصر وألمانيا.
وفى كلمته التي ألقاها خلال فعاليات افتتاح أعمال اللجنة، أكد وزير التجارة والصناعة أن العلاقات المصرية-الألمانية تشهد حالياً مستوىً كبيراً من التفاعل والزخم، الأمر الذي انعكس بشكلٍ كبيرٍ في الزيارات المتبادلة بين القيادات والوزراء والمسئولين على كافة المستويات والبعثات التجارية المكثفة بين البلدين خلال السنوات الماضية، موضحاً أن اللجنة الإقتصادية المشتركة تمثل فرصةً عظيمةً لتعزيز مختلف مجالات الشراكة الإقتصادية والتعاون بين البلدين.
واشار سمير الى الزيارة الناجحة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي العام الماضي لبرلين، والتي قام خلالها بعقد العديد من الإجتماعات المثمرة مع الرئيس الألماني والمستشار والعديد من الوزراء الألمان، كما شارك فى مائدة مستديرة مع ممثلي مجتمع الأعمال ورؤساء كبرى الشركات الصناعية الألمانية، مؤكداً أن الزيارة أظهرت بوضوح مساراً واعداً ومزدهراً للتعاون بين مصر وألمانيا.
وأشاد الوزير بالزخم الذي تشهده العلاقات الإقتصادية بين البلدين، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بينهما ليصل الى 5,5 مليار يورو في 2022، مقارنةً بـ 5,1 مليار يورو في 2021، بارتفاع 7%؛ كما تبلغ عدد الشركات الألمانية المستثمرة في مصر 1444 شركة بإجمالي استثمارات يصل الى 2,2 مليار دولار في قطاعات الصناعة والسياحة والإنشاء والزراعة والخدمات والإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مشدداً على ضرورة العمل على زيادة تدفقات التجارة والإستثمار بين مصر وألمانيا خلال الأعوام القادمة.
وأكد الوزير أن هناك العديد من المقومات التي تجعل مصر شريكاً تجارياً رئيسياً ووجهة استثمارية للشركات الأوروبية بشكل عام، والشركات الألمانية على وجه الخصوص؛ بما في ذلك: اجراء العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية، وتبنى مجموعة من الحوافز لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في مشروعات البنية التحتية وخلق المزيد من فرص العمل، وإنشاء صندوق مصر السيادي لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي، وانشاء المجلس الأعلى للإستثمار للإشراف على السياسات الإستثمارية للدولة في كافة القطاعات، وكذلك إطلاق “وثيقة سياسة ملكية الدولة”، وتفعيل الرخصة الذهبية المضمَنة في قانون الإستثمار المصري الجديد لضمان سرعة التعامل مع المستثمرين، فضلاً عن طرح 32 شركة حكومية مصرية في البورصة أمام المستثمرين خلال عام.
ولفت سمير الى انه، وفقاً لتقرير الإستثمار العالمي لعام 2023 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد”، احتلت مصر المركز الأول في القارة الأفريقية من حيث تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر حيث ارتفعت إلى 11.4 مليار دولار عام 2022 (أى 25% من إجمالي التدفقات إلى أفريقيا عام 2022)، مقارنةً بـ 5.12 مليار في 2021 محققةً نسبة نمو كبيرة بمعدل 122%، كما احتلت المركز الثاني من حيث رصيد الإستثمار الأجنبي المباشر عام 2022 والذى سجل 148.9 مليار دولار (ما يعادل 14.1%) من إجمالي رصيد الإستثمار الأجنبي المباشر الذي استقبلته القارة ذلك العام؛ بالإضافة الى المرتبة الثانية عربياً بعد الإمارات العربية المتحدة من حيث تدفق الإستثمار الأجنبي المباشر.
وفى إطار الحرص على تشجيع المشروعات الصناعية المشتركة، قال الوزير إن الدولة أطلقت “الإستراتيجية الوطنية لتطوير وتوطين صناعة السيارات” في 14 يونيو 2022، والتي تهدف إلى جعل مصر بوابة رئيسية لأسواق السيارات الناشئة في أفريقيا، موضحاً أن الإستراتيجية تشمل “برنامج تطوير صناعة السيارات المصرية” والذي يضع الإطار المطلوب لتطوير قدرات تصنيع السيارات الحالية وتشجيع الإستثمارات الجديدة في القطاع خاصةً في مجالات: سيارات الركاب، والدفع الرباعي، والشاحنات الصغيرة، والميكرو باصات، ومكونات السيارات، والبطاريات الكهربائية.
وأكد سمير على ضرورة بذل الجهود لتعزيز التعاون المشترك فى مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والمشاريع الصناعية المشتركة خاصة في صناعة السيارات والأجهزة الكهربائية والعديد من الصناعات الأخرى، مشيراً الى أن مصر تتطلع إلى استكشاف آفاق جديدة للمشروعات الخضراء مع الشركات الألمانية وتعزيز التعاون الفني ونقل التكنولوجيا في تلك المجالات، خاصةً فى ظل التحديات العالمية الحالية التى يمكن أن تمثل فرص لتعاون أقوى بين البلدين، ولخلق نمو اقتصادي أخضر شامل.
وأوضح الوزير أنه يمكن الإستفادة من خبرات الشركات الألمانية فى مجال الطاقة النظيفة فى تحقيق أهداف الدولة، والتي تتضمن زيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول عام 2035، حيث تقوم مصر حالياً بتنفيذ مشروعات طموحة للنقل المستدام وبرنامج وطني متكامل لإدارة النفايات الصلبة، فضلاً عن برامج طموحة لإدارة المياه، وتبطين الترع، وإدارة المناطق الساحلية وحمايتها، والتوسع في مشروعات تحلية ومعالجة المياه، بهدف تعزيز الزراعة المستدامة.
وقال إن مصر تتمتع بحضور رائد في سوق التمويل الأخضر كونها أول دولة في المنطقة تصدر سندات سيادية خضراء في عام 2020، مشيراً الى أن مجالات الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والنقل المستدام، وإزالة الكربون من قطاعات مثل النفط والغاز، وتكنولوجيا المعلومات هي أولويات مصر خلال المرحلة القادمة.
وفي هذا السياق، أكد سمير أن مصر ترحب بالإستثمارات الألمانية للإستفادة من السوق المحلي المصري الضخم الذي يبلغ عدده 105 مليون مواطن، بالإضافة إلى ما يوفره من امتيازات الوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية التي تضم أكثر من 1.5 مليار مستهلك من خلال اتفاقيات تجارة حرة مع مجموعة من الشركاء التجاريين الرئيسيين والتكتلات الإقتصادية الإقليمية والدولية؛ فضلاً عن موقع مصر الإستراتيجي بين القارات الثلاث مما يجعلها مركزاً هاماً للصادرات لأسواق الدول المحيطة.
وأشار الوزير الى أن بروتوكول الدورة السادسة للجنة الإقتصادية المصرية الألمانية المشتركة سيمهد الطريق لتعميق العلاقات الثنائية في كافة المجالات السابق ذكرها، كما أن منتدى الأعمال الذي يعقد على هامش اجتماعات اللجنة يهدف إلى مناقشة الفرص والتحديات القائمة لدى الجانبين، مشدداً أن الحكومة المصرية ممثلة في وزارة التجارة والصناعة لن تدخر جهدا في التغلب على التحديات التي يواجهها المستثمرون الألمان في مصر، والعمل على توفير الحوافز اللازمة للإستثمارات الجديدة في المستقبل.
وقد وقعت مصر وألمانيا بروتوكول الدورة السادسة للجنة الاقتصادية المصرية الالمانية المشتركة، حيث وقع البروتوكول عن الجانب المصري المهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة وعن الجانب الألماني آنجا هاجدوك وزيرة الدولة بالوزارة الفيدرالية للشئون الإقتصادية والعمل المناخي وقد تضمن بروتوكول التعاون عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك شملت:
• التجارة:
حيث تعد مصر احدى أهم الشركاء التجاريين لألمانيا بإجمالي تبادل تجاري بلغ العام الماضي نحو 5.5 مليار يورو، حيث أكد الجانبان أهمية تفعيل الجهود المشتركة لتحقيق أقصى استفادة من اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية من خلال تبادل المعلومات للتغلب على التحديات التي تواجه حركة التبادل التجاري بين البلدين بالإضافة إلى دراسة فرص نفاذ المنتجات ذات الميزات التنافسية لأسواق البلدين و تتضمن أهم بنود التبادل التجاري بين البلدين المنسوجات والمنتجات الغذائية والمواد الخام والكيماويات والمعدات والسيارات والآلات الهندسية وتكنولوجيا القياس والتحكم.
كما تم اقتراح اقامة معارض صناعية متخصصة في كلا البلدين للتعريف بالمنتجات الوطنية وتبادل قائمة بالمعارض التي ستقام بين البلدين حيث عرض الجانب الألماني امكانية فتح قنوات للتواصل بين الإتحاد الألماني للمعارض التجارية والجهات المصرية المناظرة، كما أعلنت الحكومة الألمانية عن عزمها لتقديم كافة أوجه الدعم للشركات الألمانية المشاركة في 8 معارض تجارية في مصر عام 2023.
• الإستثمار:
أكد الجانبان أهمية تشجيع رجال الأعمال بالبلدين على الإستفادة من الفرص الإستثمارية المتاحة بالبلدين والنفاذ للأسواق الاقليمية وذلك باعتبار مصر بوابة لأسواق دول منطقة الشرق الأوسط وقارة افريقيا كما أن ألمانيا تعد محور لأسواق دول الإتحاد الأوروبي.
كما اتفق الجانبان على أهمية اتاحة مناخ ملائم للإستثمار في إطار ظروف مستقرة وشفافة حيث عرضت الحكومة الألمانية تقديم خدمات مجانية للمستثمرين المصريين من الجهات الألمانية المعنية، كما تقدم الحكومة المصرية كافة أوجه الدعم للشركات الألمانية العاملة في مصر والتي تعتزم الإستثمار بالسوق المصري.
وتم دعوة رجال الأعمال الألمان لإنشاء شركات صناعية ناجحة في مصر في عدد من القطاعات والصناعات الهامة.
والتأكيد على الدور الهام للغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة في تعزيز التعاون التجاري والإستثماري والإقتصادي بين البلدين.
كما تم الإعراب عن استعداد مصر لمناقشة إنشاء منطقة صناعية ألمانية بالمنطقة الإقتصادية لقناة السويس.
• المشروعات الصغيرة والمتوسطة:
التأكيد على أهمية التعاون القائم بين البلدين في مجال دعم وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على نقل التجربة الألمانية الناجحة في هذا المجال.
• العمل المناخي:
أكد الجانبان التزامهما بتنفيذ اتفاق باريس، كما أكد الجانب الألماني على حرص الدولة على العمل في مصر في إطار مبادرة المناخ الدولية.
• الطاقة:
أكد الطرفان على أهمية تعزيز التعاون المشترك في مجال الطاقة وبصفة خاصة الغاز المسال وبما يتماشى مع هدف الحفاظ على البيئة ومواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري حيث تقوم وزارة البترول حاليا بالتنسيق مع نظيرتها الألمانية لوضع اللمسات الأخيرة على الإعلان المشترك للتعاون في مجال الغاز الطبيعي المسال.
وفى ختام اعمال اللجنة تم الإعلان عن بدء عملية التفاوض بشأن انشاء المنطقة الصناعية الألمانية بالمنطقة الإقتصادية لقناة السويس
وقد شارك الوزير والسيدة، آنجا هاجدوك وزيرة الدولة بالوزارة الفيدرالية للشئون الإقتصادية والعمل المناخي بفعاليات منتدى الأعمال المصري الألماني المشترك والذي عقد بمشاركة عدد كبير من ممثلي دوائر الأعمال بمصر وألمانيا في مختلف المجالات والقطاعات الإستثمارية ذات الإهتمام المشترك بين البلدين.