كتب – محمود أمين :
حذر تقرير فجوة الانبعاثات لعام 2022 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة من عدم كفاية الإجراءات بشأن أزمة المناخ العالمية، وطالب بإحداث تحول سريع للمجتمعات، ووصف التقرير التقدم الذي تم إحرازه منذ الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بأنه محدود للغاية فيما يتعلق بتقليص الفجوة الهائلة في الانبعاثات لعام 2030، والفجوة بين تخفيضات الانبعاثات الموعودة وتخفيضات الانبعاثات اللازمة من أجل تحقيق الهدف الخاص بدرجة الحرارة وفق اتفاقية باريس.
واستعرض الدكتور ممدوح رشوان أمين عام اتحاد الشباب والبيئة العرب أهم المؤشرات الواردة في التقرير ومنها أن فجوة الانبعاثات في عام 2030 نحو 15 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويا، بالنسبة إلى مسار إبقاء الاحترار العالمي عند مستوى درجتين مئويتين ونحو 23 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بالنسبة إلى مسار إبقاء الاحترار العالمي عند مستوى 1.5 درجة مئوية، وهذا يفترض تنفيذ المساهمات غير المشروطة المحددة وطنيا تنفيذا كاملا، ويمثل فرصة بنسبة 66 % للبقاء دون الحد الأقصى المحدد لدرجة الحرارة. وأضاف رشوان أن التقرير أوضح أنه في حالة تنفيذ المساهمات المشروطة المحددة وطنيا تنفيذا كاملا سيجري تقليص هاتين الفجوتين بمقدار 3 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
كما نبه التقرير الى أنه من المتوقع أن تؤدي السياسات القائمة حاليا إذا لم يتم اتخا ذ أي إجراء إضافي إلى أن يسجّل الاحترار العالمي 2.8 درجة مئوية على مدى القرن الحادي والعشرين. أمّا تنفيذ سيناريوهات المساهمات غير المشروطة والمشروطة المحددة وطنيا فمن شأنه أن يخفض هذا الاحترار العالمي إلى 2.6 درجة مئوية و2.4 درجة مئوية على التوالي.
ومن أجل العودة إلى المسار الصحيح للحد من الاحترار العالمي عند مستوى 1.5 درجة مئوية، فإنه يجب تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة السنوية على الصعيد العالمي بنسبة 45 % مقارنة بتوقعات الانبعاثات، بموجب السياسات المعمول بها حاليا في غضون ثماني سنوات فقط، ويجب أن تستمر في الانخفاض بسرعة بعد عام 2030، من أجل تجنب استنفاد الميزانية المحدودة والمتبقية من الكربون الجوي.
وقال رشوان إن هذه النتائج الرئيسية تعني أن التغيير التدريجي لم يعدُ خيارا مُتاحا والتحولات الموسعة على نطاق الاقتصاد مطلوبة لتجنب إغلاق النافذة أمام فرصة الحد من الاحترار العالمي إلى أقل من درجتين مئويتين، والعمل لتصل إلى 1.5 درجة مئوية ، وكل جزء صغير من الدرجة المئوية هو جزء مهم، وأكد التقرير أنه تم الاعتراف بهذا الوضع الأليم في الدورة السادسة والعشرين من مؤتمر الأطراف التي عُقِدت العام قبل الماضي، ودُعِيت البلدان إلى “إعادة النظر” في أهدافها لعام 2030 و”تعزيزها” بحلول نهاية عام 2022. وبناء على ذلك، فإن السؤال الرئيسي لهذا الإصدار من تقرير فجوة الانبعاثات يتمثل في معرفة التقدم المُحر ز على صعيد الطموحات والإجراءات المُتخذة منذ الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف، وكيف يمكن الشروع في التحو لات اللازمة والتعجيل بها؟
وينظر التقرير في التحولات المطلوبة في قطاعات إمدادات الكهرباء والصناعة والنقل والمباني، كما يحقق في التحولات الشاملة للنظم الغذائية والنظام المالي، مما يدل على وجود إمكانات هائلة للحد من الانبعاثات بما يتجاوز التعهدات الحالية للتخفيف من الآثار المترتبة على تغير المناخ.
ونبه تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة الى أنه في هذا العام، يشهد العالم زيادة في أزمات الطاقة والغذاء وتكلفة المعيشة، التي تفاقمت بفعل الحرب في أوكرانيا، والتي تتسبب جميعها في معاناةٍ إنسانية هائلة، وذلك بعد الاستجابة العالمية لجائحة كوفيد19 والتي أد ت إلى انخفاضٍ غير مسبوق وقصير الأجل في الانبعاثات العالمية، ومع ذلك فقد عادت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى مستويات عام 2019 في العام 2021.
ووفقا للتقرير فإن انبعاثات غازات الدفيئة سجلت نِسبا متفاوتة بين مختلف المناطق والبلدان والأُسر المعيشية، فقد استأثرت البلدان السبعة الرئيسية المُصدِرة للانبعاثات : الاتحاد الأوروبي 27، والصين ،والهند، وإندونيسيا، والبرازيل، والاتحاد الروسي، والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى النقل الدولي بـ 55 % من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية في عام 2020 ، وبذلك يتحمل أعضاء مجموعة العشرين المسؤولية بصورةٍ جماعية عن 75 % من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، ولا يزال أعضاء مجموعة العشرين بعيدين عن الوفاء بالتزاماتهم المتعلقة بالتخفيف لعام 2030، وهو ما أدى إلى فجوة في التنفيذ.
وقد انخفض التقدير المركزي لتوقعات الانبعاثات الإجمالية للدول الأعضاء في مجموعة العشرين بحلول عام 2030 في إطار السياسات الحالية بمقدار 1.3 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون مقارنة مع تقييم عام 2021، ويرجع ذلك أساسا إلى الانخفاض المتوقع في الانبعاثات من قانون الحد من التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية (حوالي 1 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.)
و بشكلٍ جماعي، لا يسير أعضاء مجموعة العشرين على المسار الصحيح نحو تحقيق مساهماتهم المحددة وطنيا الجديدة أو المستكملة. واستنادا إلى توقعات سيناريو السياسات الحالية الواردة في دراساتٍ مستقلة، يتبين أن هناك فجوة حاصلة على مستوى التنفيذ، تعُر ف بأنها الفارق بين الانبعاثات المتوقعة في إطار السياسات الحالية والانبعاثات المتوقعة في إطار تنفيذ المساهمات المحددة وطنيا تنفيذا كاملا . وتبلغ هذه الفجوة في التنفيذ 1.8 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويا بحلول عام 2030 بالنسبة إلى أعضاء مجموعة العشرين.