تنميه ثقافيه

«أبوتليح» ..أصحاب شقشقة اللسان يرددون عبارات الهجوم على المنهج الصوفي كالببغاء

 

 

أمير أبورفاعي

أكد الشيخ محمد رجب أبوتليح، من علماء الأوقاف، إن الواقع يشهد قديما وحديثا أن التصوف هو أكثر العلوم الإسلامية التي تتعرض للهجوم من قوم لم يتعرفوا أصلا عليه دراسة ولا فهما بل اكتفوا في ذلك بالسماع وتناقل الأقوال حوله بدون تأكد ودراسة وهم بذلك أظلم الناس لأنفسهم قبل أن يكون ظلمهم لغيرهم لأنه حري بالمؤمن ألا يقع في غفلة الاتباع بدون فهم وهناك صنف آخر يعرفون ما يفعلون وهم أعرف الناس بأنفسهم أنهم يصرون على التدليس وإخفاء الحق، فيهاجمون التصوف إما لغيظ استقر في سويداء قلوبهم لسبب نفسي أو كبر ورد للحق أو لمصلحة شخصية سواء مادية أو لتحقيق شهرة يحققونها أو العياذ بالله تحالفا مع أعداء الإسلام .

فنجد كثيرا من أصحاب شقشقة اللسان يرددون عبارات الهجوم على المنهج الصوفي كالببغاء ونجد للاسف لهذه العبارات رواجا عبر حملات إعلامية منظمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها وكان مؤخرا ما خرجت به علينا اليوتيوبر ريهام عياد وهي تجلس في كامل الاستراحة لتلقي بكلمات بسيطة لا تنبئ عن تروي ودراسة لما تقول إنما هو ترديد تقليدي لتلك الشبهات التي تتردد ما بين الحين والآخر حول أسس المنهج الصوفي ومنها كما قالت بأسلوب سخرية مغلف بكلمات تجعل المستمع حيرانا في إدارك مرادها حول أهمية الشيخ في طريق السلوك إلى الله تعالى كما جاء في كلامها . غير أنها ألبست الباطل ثوب الحق وأخذت تلمح بعدم أهمية الشيخ المربي أو الدال على الله تعالى والهادي إلى سبيله لذلك هلم لنا ندرس لندرك حقيقة هذا الأمر .

بداية وظيفة الشيخ المسلك للمريد في طريق التصوف له عدة مسميات في اصطلاح الصوفية منها : ( الصحبة – الشيخ – المربي – الوارث المحمدي ) وغيرها وإن تعددت الأسماء إلا أنها عدة مصطلحات لمفهوم واحد وهو: ( دلالة العارف بربه غيره على الله ) فااصحبة أمر لا يستطيع أحد إنكارها لأنها من لوازم الحياة البشرية فالإنسان بطبعه اجتماعي مخالط لغيره ومصاحب له متأثر به في حياته وسلوكه وأخلاقه ولذلك جاء الأصل لا أقول في الطريق الصوفي فحسب بل في الإسلام أنه يجب على الإنسان أن يختار من يصاحب في حياته فهكذا كان الأصل في التصوف صحبة من يقوم سلوك الإنسان وأخلاقه وينهض به إلى أفضل الأحوال فها هم الصحابة رضي الله عنهم قد خرجوا من ظلمات الجهل وسوء الأخلاق والسلوك إلى أرقي الأخلاق وأسمى الطباع والأحوال الزكية بسبب صحبتهم لرسول الله ﷺ وتأثرهم به واتخاذه قدوة لهم وهذا الأثر قد انتقل منه صلى الله عليه وسلم إليهم فتناقلوه حالا وتطبيقا عمليا وتأثيرا في غيرهم ومن جاء بعدهم فمن أجل ذلك سمي من تميز بهذه السمات بالوارث المحمدي أي الذي ورث من النبي ﷺ أسلوب تربيته وتعليمه للخلق وتأثيره فيهم بالهداية إلى صراط الله المستقيم .

وعلى هذا المعنى كانت ولا زالت المشيخة في الإسلام ليست حجابا بين الله والناس وليست كهنوتا ولا سلطة دينية يملك صاحبها نفعا أو ضرا لغيره أو جنة أو نارا إنما هي قيام بوظيفة سامية وهي دلالة الخلق على الحق عز وجل وذلك لكون رسالة النبي ﷺ رسالة عالمية مستمرة إلى قيام الساعة فكان لزاما أن يكون له ورثة وخلفاء ورثوا عنه الهداية والإرشاد والدعوة إلى الله وهذا يتجلى في تشريع الله عز وجل لهذا المقام ووظيفته ألا ترى الرسل والأنبياء عليهم السلام أجمعين قد أقامهم الله تعالى في مقام المشيخة العظمى وأممهم هم مريدوهم وتلامذتهم فمن أخلص والتزم أفلح وربح في الدارين ومن انحرف عن اتباع صراطهم خاب وخسر ؟! ثم يا رعاك الله ألا ترى قيام بعض أفراد الأمة بهذا الواجب وراثة لهم في فرض يؤدى كل أسبوع مرة ألا وهو اجتماع المسلمين لصلاة الجمعة على خطيبهم وإمامهم ؟! فهذا على التحقيق لمن فهم وأدرك وعقل ووعى تأصيل إلهي من الله تعالى لدور الشيخ في الإسلام وخلافته للنبي ﷺ في القيام بوظيفة الدعوة إلى الله والدلالة عليه والتعريف به . وتهذيب النفوس والارتقاء بالأخلاق والسلوك .

وهذا فيه رد على مزاعم العلمانية التي تزعم أنه لا حاجة للشيخ ليعرف الانسان ربه وأن الإنسان مؤهل لمعرفة الله وهذا اعتقاد يخالف حتى الفطرة السليمة لأن الواقع يكذب مزاعمهم حتى في حياتهم هم أنفسهم العلمية فتراهم يؤصلون لمناهج التعليم الأكاديمي بالتزام باحث الماجستير والدكتوراة مثلا بمشرف (بروفسير) يرشد الباحث إلى اتخاذ المنهج الأصح لكتابة بحثه ورسالته .

إذن فلماذا التناقض وهذه بتلك ؟! فمعرفة الله يحتاج فيها المسام إلى من سبقه فيها وتعلم وعرف الله عز وجل واتبع هدى النبي ﷺ وأمر الله ونهيه . ناهيك عن حتمية توافر شروط العلم والصلاح في الشيخ الذي اتخذه المسلم قدوة ودليلا ومعينا على معرفة الله عز وجل .

وزعمهم إن اتخاذ الشيخ في التصوف لمعرفة الله منهج خاطئ نقول لهم ولغيرهم إنكم تنكرون منهجا أصيلا قد أصله الله في كتابه وهذا ثابت لا أقول في شأن عوام الناس والمسلمين بل في شأن نبي ورسول عظبم وهو سيدنا موسى عليه السلام وما كان من قصته مع الخضر التي حكاها الله لنا في سورة الكهف .

فهذا نبي الله ورسوله وكليمه ومع ذلك أراد الله عز وجل أن يعرفه أن هناك علما لا يستطيع الإنسان الوصول إليه بنفسه ولا بقدراته العلمية والفكرية بل بواسطة من يعلمه إياه . وهذا ما يؤكد أهمية من خصهم الله تعالى بمعرفته وخلافة رسوله في الهداية والإرشاد والدعوة إلى دينه ومن ناحية أخرى الإنسان لا يخلو من أمراض قلبية وعلل خفية لا يدركها بنفسه كالرياء والنفاق والحسد والعجب والكبر لا يدركها في نفسه بل ربما يعتقد في نفسه الكمال ولهذا قال النبي ﷺ: (المؤمن مرآة أخيه) والمرايا أنواع فمنها الصافية المعتدلة ومنها الجرباء التي تشوه الحقيقة ومنها ما تكبر ومنا ما تصغر وهكذا فلما يصحب الإنسان صاحبا أو مربيا أو شيخا يبصره بعيوبه ويعينه على الارتقاء بنفسه وأخلاقه وسلوكه فقد رزق خيرا كثيرا ومن هنا يتبين خطأ من يظن أنه يستطيع بنفسه أن يصلح عيوب نفسه بنفسه أو يعرف ربه من غير معرفة ومنهجية علمية أصلها من سبقه . الذي سار على نهج النبي ﷺ . وفي ذلك كفاية لمن أراد الله له الهداية.

Show More

Related Articles

Back to top button