الأمين المساعد للدعوة بـ «البحوث الإسلامية»: نحن أمة عابدة ربتنا الشريعة على الأمل والتفاؤل لا على القلق والاضطراب في أمور الدين والدنيا
خلال مشاركته في ندوة معرض «ساقية الصاوي»
كتب/ د عبدالعزيز السيد
شارك د. محمود الهواري الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية في فعاليات الندوة التوعوية التي نظمها جناح مجمع البحوث الإسلامية بمعرض ساقية الصاوي للكتاب في دورته الحالية؛ حيث تناول اللقاء الحديث عن عبادة «الأمل والتفاؤل».
وقال الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني، إن الإنسان يحتاج في حياته إلى حسن الظن بالله -عزو جل- والذي يتمثل في اليقين والثقة في الله تبارك وتعالى، وأن مع العسر يسرًا، وأن قدر الله عز وجل كله خير، مضيفا أنه يوجد لدى البعض إحساس دائم بالتشاؤم والخوف والقلق والاضطراب في أمور الدين والدنيا، مع أن هذا الأمر مخالف لقول الله عز وجل {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ}، فالإنسان دائما بحاجة إلى التوازن ليختار مساره في حياته.
أضاف الهواري نحن أمة عابدة، ولكن العبادات لا تنحصر في الصلاة وحدها، وإنما هنالك عبادات قلبية ضرورية، خاصة في ظل ما يعانيه الإنسان من ضغوط الحياة، من هذه العبادات عبادة الأمل وحسن الظن بالله وتوقع الجميل من الله، وأصل هذه العبادة ينطلق من علاقة الإنسان بربه، هل يعرف الله على أنه منتقم وجبار وقهار، أو يعرفه على أنه رحيم ودود لطيف كريم وهاب واسع؟ فالله سمى نفسه الغفور الرحيم، والتواب الكريم، والبر الودود، والواسع الوهاب، وينبغي أن نعرف الله بهذه الأسماء، وأن نثق فيه ونتوكل عليه، ونرجو الخير منه، لكن مشكلة الناس في الحياة أن بعضهم يسوء ظنه بربه، فيمتلئ قلبه بالتشاؤم والسلبية واليأس والإحباط، لكن ما أجمل حياة المتفائلين، الذين يثقون أن بعد الكسر جبرا، وأن بعد العسر يسرا، وأن بعد التعب راحة، وبعد المرض شفاء، وبعد الدنيا جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.
أوضح الهواري أن السعادة الحقيقة هي أن يكون الإنسان عنده حسن الظن بالله عزو جل، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه “والذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئًا خيرًا من حسن الظن بالله تعالى”، مشيرا إلى قول النبي صلى الله عليه : «من أصابته فَاقَة فأنْزَلها بالناس لم تُسَدَّ فَاقَتُهُ، ومن أنْزَلها بالله، فَيُوشِكُ الله له بِرزق عاجل أو آجل»، والإنسان يعيش في دنيا فيها كبد ومشقة وتعب وفتن، ولو أن الإنسان كلما نزلت به محنة أو مشكلة فقد الأمل لكانت الحياة مرة وصعبة، والقرآن الكريم يربينا على الأمل، ويذكر لنا قصص الأنبياء في حال الشدائد الذين امتلأت قلوبهم ثقة بالله، وأملا ورجاء وحسن ظن وثقة، فهذا سيدنا موسى عليه السلام يقول له قومه: {إنا لمدركون» فيقول بلسان وقلب الواثق والذي يرجو الخير من الله : « كلا إن معي ربي سيهدين»، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول للصديق يوم جاء أعداؤه إلى الغار في الهجرة: {لا تحزن إن الله معنا} [سورة التوبة]، وقال: «ياأبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما»؟
وأشار إلى أن من اروع أمثلة التطبيق العلمي لهذه العبادة في تاريخ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يقول عبدالله بن الزبير: “لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه، فقال: يا بني، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلومًا، وإن من أكبر همي لَدَيْني، أفترى يُبقي دَيْنُنا من مالنا شيئًا؟… قال عبدالله: فجعل يوصيني بدَيْنه، ويقول: يا بني، إن عجزتَ عنه في شيء، فاستعن عليه مولاي، قال: فوالله ما دريتُ ما أراد حتى قلت: يا أبَةِ، من مولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه، إلا قلت: يا مولى الزبير اقضِ عنه دينه، فيقضيه”، وهنا يوقن المسلم دائما بسعة رحمة الله، وأنه يقبل التوبة عن عباده وأنه يعفو عن السيئات، وفي الحديث القدسي، قال ﷺ: (أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، اعْمَلْ ما شِئْتَ فقَدْ غَفَرْتُ لَكَ) أخرجه مسلم، وحتى في اخر انفاس الحياة ووقت الشدة ترى عبادة الأمل واضحة لدى البعض فهذا أعرابي يقول له الطبيب: إنك ستموت. فقال: ثم إلى أين سأذهب؟ قال إلى الله. فقال: ما كراهتي أن أذهب إلى من لا أرى الخير إلا منه؟.