بتمويل من الاتحاد الأوروبي «المجتمعات الإنتاجية المرنة»
جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة (AOYE)"دمج مفاهيم وتطبيقات الاستدامة "
كتب – محمود أمين:
على مدار رحلة عمر مشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة»، التي بدأت في أوائل عام 2020، ساهم المشروع في تقديم حلول تطبيقية للمجتمعات المستهدفة، والتي تتصف بأنها مجتمعات ذات أولوية داخل محافظتي القاهرة وبني سويف، حيث يعمل المشروع على بناء قدرات المستفيدين من الخدمات المقدمة بمواقع العمل في المناطق المستهدفة، سواء من خلال الخدمات المباشرة أو غير المباشرة.
ويُعد مشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة»، أحد المشروعات الممولة من الاتحاد الأوروبي، يقوم بتنفيذه عدد من منظمات المجتمع المدني في مصر، في مقدمتها الجمعية القبطية للرعاية الاجتماعية (CASC)، وهي منظمة شقيقة لأسقفية الخدمات الاجتماعية المسكونية العامة (BLESS)، التي تمتلك الخبرات المكتسبة في العديد من المجتمعات الريفية والحضرية، سعياً لتحقيق وتوفير الحياة الكريمة لتلك المجتمعات.
وتشارك جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة (AOYE) في تنفيذ مشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة»، كشريك رئيسي للجمعية القبطية للرعاية الاجتماعية، حيث تُعد جمعية المكتب العربي في مقدمة الجمعيات الأهلية التي تمتلك خبرات كبيرة في مجال البيئة والتنمية المستدامة عامةً، وفي مجال مشروعات التكيف والمرونة مع التغيرات المناخية بشكل خاص، كما يتعاون في تنفيذ المشروع، على المستوى المحلي في مناطق العمل المستهدفة، جمعية «مصر الإرادة» بمحافظة القاهرة، وجمعية «الإخلاص القبطية للتنمية» بمحافظة بني سويف.
يهدف المشروع، بوجه عام، إلى تقديم تجربة جادة يمكن تكرارها في أماكن أخرى، للمساهمة في تحسين الوضع البيئي، وزيادة الاستفادة من الموارد البيئية المتاحة، وذلك في ثلاث مجتمعات مستهدفة على المستويين الحضري والريفي، بمحافظتي القاهرة وبني سويف، حيث يستهدف المشروع من محافظة القاهرة منطقة «مؤسسة الزكاة» التابعة لحي المرج، ومن بني سويف عزبة «الفنت»، التابعة لمركز الفشن، وعزبة «جليلة» بمركز ببا، ويبلغ إجمالي عدد المستهدفين داخل تلك المجتمعات حوالي 3000 أسرة.
وحرص المشروع، طوال فترة تنفيذه، على اتباع المنهجية التشاركية والتنسيقية مع كل الجهات الحكومية والمحلية ذات الصلة، وكذلك القيادات والكوادر المجتمعية، وذلك في جميع مراحل تنفيذ ومتابعة خطة أنشطة المشروع، حيث عمل من البداية على تشكيل عدد ثلاث لجان على المستوى المجتمعي والمحلي داخل المجتمعات المستهدفة والمنوطين بتفعيل الدور المجتمعي والتشاركي في كل أنشطة المشروع، بالإضافة إلى لجان حكومية للتنسيق معها.
كان لهذه اللجان أثر كبير في تنفيذ العدد الأكبر من أنشطة المشروع حتى الآن، مع السعي الدائم لتذليل جزء كبير من التحديات التي واجهها المشروع، بجانب العمل على دمجهم في كل الأنشطة المجتمعية للمشروع، وذلك بداية من تحديد المعايير الموضوعة التي على أساسها تم اختيار الفئات المستهدفة، وكذلك نوعية الخدمات، وترتيب أولوياتها للمجتمعات المستهدفة.
رفع وعي وبناء قدرات المجتمعات المستهدفة
تمثلت أولى خطوات المشروع، والتي ركز عليها ضمن إستراتيجية عمله، في رفع الوعي وبناء القدرات للمجتمعات المستهدفة، للمساهمة في الفهم الجيد لقضية التغيرات المناخية، وكيفية مساهمتها في عمليات الحد من تأثيراتها، وآليات التخفيف والتكيف مع تداعياتها، من خلال تنفيذ العديد من لقاءات التوعية وورش العمل وإقامة المعسكرات البيئية، والتي استهدفت ما يزيد على 2097 شخصاً بشكل مباشر حتى الآن.
كما نفذ المشروع مجموعة من البرامج التدريبية، التي استهدفت اللجان المجتمعية، تناولت كيفية اقتراح المبادرات المجتمعية، وآليات ترتيب اولوياتها، ومدى القدرة على التنفيذ، في ضوء الهدف العام من المشروع، وأيضاً الإمكانيات المتاحة، بالإضافة إلى كيفية العمل على إدارتها واستدامتها، وأسفرت هذه التدريبات على اختيار عدد ثلاث مبادرات مجتمعية، بواقع مبادرة مجتمعية داخل كل منطقة مستهدفة، يقود إداراتها اللجان المجتمعية، وبدعم من فريق عمل المشروع، ومن المخطط أن يتم تنفيذها خلال شهري مارس وأبريل 2024.
ممارسات وتطبيقات مستدامة داخل المجتمعات المستهدفة
نفذ المشروع عدداً من الأنشطة التطبيقية المستدامة، بغرض تحسين الوضع البيئي داخل المجتمعات المستهدفة، والمساهمة في الارتقاء بجودة الحياة، مع الترويج الجيد للفكر المستدام، وأهمية ذلك على المستوى المحلي والوطني، والذي يأتي متواكباً مع استراتيجية مصر للتنمية المستدامة «رؤية مصر 2030»، مع العمل أيضاً على توطين هذه الأنشطة داخل المجتمعات المستهدفة.
ولتحقيق ذلك، عمل المشروع على دعم الأسر المستفيدة، والتي تم اختيارها بناءً على معايير محددة، راعت في ذلك البعد الاجتماعي والاقتصادي، بعدد 9000 لمبة ليد، استفاد منها ما يقرب من 7121 أسرة حتى الآن، بغرض تخفيف العبء الاقتصادي عنهم، بالإضافة إلى حثهم على ترشيد استخدام الكهرباء.
كما قام المشروع بالتنسيق الكامل مع الأجهزة المحلية بمحافظتي القاهرة وبني سويف، على تركيب عدد 540 كشاف ليد حتى الآن، ساهم ذلك في إنارة ما يقرب من 34 شارعاً رئيسياً، وعدد 80 شارعاً جانبياً، ليصل إجمالي المستفيدين إلى ما يقرب من 18913 حتى الآن، ويعمل المشروع، خلال شهري مارس وأبريل 2024، على زيادة هذا العدد بمقدار 260 كشاف ليد إضافي، بغرض تغطية عدد أكبر من الشوارع الداخلية بالمناطق المستهدفة، طبقاً لخطة الأجهزة المحلية.
ومن المخطط أن يستكمل المشروع أنشطته في مكون الطاقة المتجددة، ويجري الآن التجهيز لتركيب عدد 12 محطة طاقة شمسية، من المستهدف أن يجري تركيبها على منشآت حيوية، كأماكن العبادة، بعدد 6 محطات ثابته، علاوة على تطبيق نماذج لاستخدام ماكينات ري الأراضي الزراعية بالطاقة الشمسية، وذلك بواقع 6 نماذج داخل محافظة بني سويف.
وفي خطوة مهمة يخطوها المشروع للمساهمة في نشر تكنولوجيا البيوجاز لإنتاج الطاقة النظيفة والسماد العضوي، انتهى المشروع من التركيب الأولي لعدد 69 وحدة بيوجاز داخل محافظة بني سويف، وذلك بالتنسيق مع مؤسسة الطاقة الحيوية، ويأتي هذا العدد من أصل 100 وحدة بيوجاز يخطط المشروع لاستكمالها خلال شهري مارس وابريل 2024، ليصل بذلك متوسط المستفيدين من هذه الوحدات إلى ما يقرب من 500 مستفيد، كما يعمل المشروع حالياً على الانتهاء من استبدال نظم الري التقليدي بنظم ري حديثة مرشدة للمياه، وذلك في مساحة إجمالية تبلغ 30 فداناً.
ومن أجل تحسين جودة الهواء في المجتمعات المستهدفة، والحرص على زيادة المساحات الخضراء، انتهى المشروع من زراعة عدد 1030 شجرة مثمرة، تم زراعتها على عدد من مداخل الطرق العامة، وكذلك تم تسليم عدد منها إلى الأهالي لزراعتها بالشوارع الداخلية.
فرص عمل خضراء للشباب
يأتي رفع قدرات الشباب وبناء وعيهم وتوسيع مداركهم نحو مفهوم الوظائف الخضراء، وتمكينهم من ريادة الاعمال، خاصةً متناهية الصغر منها، في مقدمة أولويات مشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة»، لذا قام المشروع باستهداف ما يزيد على عدد 60 شاباً وفتاه من داخل المناطق المستهدفة، وعمل على دعمهم بمجموعة من التدريبات المتخصصة في ريادة الأعمال والوظائف الخضراء، وقد نتج عن ذلك انتهاء لجنة المشروع من اختيار عدد 60 مشروعاً اخضر، سيقوم المشروع بتقديم الدعم الفني والمالي لأصحابها، من اجل زيادة المشروعات المراعية للبعد البيئي، والتي منها على سبيل المثال وليس الحصر، مشروعات زراعة الأسطح، وإدارة المخلفات، ومشروعات إعادة التدوير، ومشروعات صناعة بدائل الأكياس البلاستيكية.
وعن القيمة المضافة لمشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة» المحققة حتى الآن، هو الحرص الكامل على تكوين الشراكات الناجحة مع كل الجهات المعنية وذات الصلة بتحقيق اهداف التنمية المستدامة، وفق «رؤية مصر 2030»، وكذلك نجح المشروع في تأصيل التعاون والتشبيك مع كل المبادرات الحكومية المعنية بتحقيق التنمية المستدامة، وفي مقدمتها مبادرة «حياة كريمة»، ومبادرة «تكافل وكرامة»، حيث يتم الربط والتشبيك مع قاعدة المستفيدين من هذه البرامج، لتعظيم النتائج المخططة.
ومما لاشك فيه ان مشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة»، مع خلال التعاون مع الاتحاد الأوروبي، وشبكة الشركاء المحليين، نجح في تقديم خدمات تنموية، وطرح رؤى لمشروعات من شأنها أن تسهم في زيادة مرونة المجتمعات، لمواجهة تأثيرات التغيرات المناخية و الحد من تداعياتها، وساهم في خلق نماذج لمناطق حضرية وريفية أكثر استدامة، مع الاهتمام المتزايد بالقطاعات المختلفة من الشباب والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال تأهيلهم وتمكينهم من تناول أفكار لمشروعات ووظائف خضراء، وذلك تماشياً مع سياسات الدولة التنموية، التي تسعى بكل جهد إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفق «رؤية مصر 2030».